الطواف حول البيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والذبح في منى يحس بحرج شديد في تطبيق أعمال الحج على هذه الفتاوى ، ولكن تزايد وفود حجاج بيت الله عبر الزمان يوما بعد يوم أعطى للفقهاء رؤى وسيعة في تنفيذ تلك الأحكام على موضوعاتها ، فأفتوا بجواز التوسع في الموضوع لا من باب الضرورة والحرج ، بل لانفتاح آفاق جديدة أمامهم في الاستنباط.
كانت الفتاوى في الأعصار السابقة على تحديد المطاف ب ٢٦ ذراعا ، ومن المعلوم انّ هذا التحديد كان يرجع فيما إذا كان عدد الحجاج لا يزيد على ١٠٠ ألف حاج ، وأمّا اليوم فعدد الطائفين تجاوز هذا الحد بكثير حتى بلغ عددهم في هذه الأعصار إلى مليوني حاج بل أزيد ، فإذا خوطب هؤلاء بالطواف على البيت فهل يفهم منه انّه يجب عليهم الطواف بين الحدين؟ إذ معنى ذلك أن يحرم الكثير من هذه الفريضة ، أو يفهم منه إيجاد التناوب بين الطائفين حتى لا يطوف حاج طوافا ندبيا إلى أن يفرغ الحجاج من الفريضة ، أو يفهم منه ما فهمه الآخرون من أنّهم يطوفون بالبيت الأقرب فالأقرب؟ وإلى تينك الحالتين تشير الروايتان التاليتان (١) :
١. فقد روى محمد بن مسلم مضمرا ، قال : سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت؟ قال : «كان النّاس على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يطوفون بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام
__________________
(١) الوسائل : ٩ ، الباب ٢٨ من أبواب الطواف ، الحديث ١ و ٢.