الفصل الخامس :
في شرع من قبلنا
وفيه مباحث :
الأوّل : في أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم هل كان متعبدا قبل النبوة بشرع من قبله أم لا؟
اختلف الناس في ذلك. فمنهم من نفى ذلك وقال : إنّه لم يكن قبل النبوة متعبّدا بشرع من تقدّمه من الأنبياء. وهو اختيار أبي الحسين البصري (١) وجماعة.
ومنهم من جزم بأنّه كان متعبّدا بشرع من تقدّمه. وهؤلاء اختلفوا فقال بعضهم : إنّه كان متعبّدا بشرع نوح ، وقال آخرون : بشرع إبراهيم ، وقال بعضهم : بشرع موسى ، وقال آخرون : بشرع عيسى ، وقال آخرون : بما ثبت أنّه شرع.
وأمّا الباقون من الأصوليّين كالسيد المرتضى (٢) والقاضي عبد الجبار والغزالي (٣) وغيرهم فإنّهم توقّفوا في ذلك وجوّزوا كلا الأمرين. وهو
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٣٣٧.
(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة : ٢ / ٥٩٥.
(٣) المستصفى : ١ / ٣٩١.