البحث الثاني : في حكم استصحاب الإجماع في محلّ الخلاف
اختلف الناس فيه فقال الأكثر : إنّه ليس حجّة ، وبه قال الغزالي. (١)
وقال آخرون : إنّه حجّة. (٢)
ومثاله : انّ من قال : المتيمّم إذا رأى الماء في خلال الصلاة مضى في الصلاة ، لانعقاد الإجماع على صحّة صلاته ودوامها بطريان وجود الماء كطريان هبوب الريح وطلوع الشمس وسائر الحوادث ، فنحن نستصحب دوام الصلاة إلى أن يدلّ دليل على كون رؤية الماء قاطعا.
وكقول الشافعي في مسألة الخارج من غير السبيلين : إذا تطهّر ثمّ خرج منه خارج من غير السبيلين فهو بعد الخروج متطهّر ولو صلّى فصلاته صحيحة ، لانعقاد الإجماع على هذين الحكمين قبل الخارج ، والأصل في كلّ متحقّق دوامه إلى أن يوجد المعارض والأصل عدمه.
لا يقال : القول بصحة الصلاة وثبوت الطهارة في محلّ النزاع لا بدّ له من دليل وليس نصّا ولا قياسا وإلّا لم يكن إثبات الحكم في محل الخلاف بناء على الاستصحاب ، بل على ما ظهر من النصّ أو القياس ولا إجماعا لأنّه مختلف فيه ولا إجماع في محلّ الخلاف ، وإن كان الإجماع قبل خروج الخارج ثابتا.
__________________
(١) المستصفى من علم الأصول : ١ / ٢٢٤.
(٢) وهو مختار الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٤١.