(أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا. قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، وقوله : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) (فاطر : ٤٥) وهو كثير في القرآن. وهو كما يقول السيد لعبده : اعمل ما شئت فإني أعلم ما تفعله وأنا قادر عليك. وهذا أبلغ من ذكر العقاب وأعم فائدة.
فإن قيل : كيف تصنعون بقول الشاعر؟
قل لمن ساد ثم ساد أبوه |
|
ثم قد ساد قبل ذلك جده |
قلنا أي شاعر هذا حتى يحتج بقوله ، وأين صحة الإسناد إليه لو كان ممن يحتج بشعره؟ وأنتم لا تقبلون الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكيف تقبلون شعرا لا تعلمون قائله ولا تسندون إليه البتة.
الوجه التاسع : أن فاضلكم المتأخر لما تفطن لهذا ادعى الإجماع أن العرش مخلوق بعد خلق السموات والأرض ، فيكون المعنى أنه خلق السموات والأرض ثم استوى على العرش ، وهذا لم يقله أحد من أهل العلم أصلا ، وهو مناقض لم دل عليه القرآن والسنة وإجماع المسلمين أظهر مناقضة ، فإنه تعالى أخبر أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام وعرشه حينئذ على الماء ، وهذه واو الحال أي خلقها في هذه الحال ، فدل على سبق العرش والماء للسماوات والأرض.
وفي «الصحيحين» عنه صلىاللهعليهوسلم : «قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء» (١) وأصح القولين أن العرش مخلوق قبل القلم لما في «السنن» من حديث عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أول ما خلق الله القلم ؛ قال اكتب ، قال ما أكتب؟ قال
__________________
(١) تقدم.