حمده وحكمته. وهذا ظاهر جدا وهذا شأن كل مثلين حين لا ينفك أحدهما عن الآخر.
الوجه السابع : إن هذه الأسئلة لا يتوجه إيرادها على العلم ولا على القدرة. وغاية ما تورد على العدل والحكمة. وأنها كيف تجامع عدله وحكمته فنقول : قد اتفق أهل الأرض والسماوات على أن الله تعالى عدل لا يظلم أحدا ، حتى أعداءه المشركين الجاحدين لصفات كماله ؛ فإنهم مقرون له بالعدل ومنزهون له عن الظلم ، حتى إنهم ليدخلون النار وهم معترفون بعدله كما قال تعالى : (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ) (الملك : ١١) ، وقال تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا؟ قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا ، وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) (الأنعام : ١٣٠) ، فهو سبحانه قد حرم الظلم على نفسه ؛ وأخبر أنه لا يهلك القرى بظلم وأهلها غافلون فلا يصح إيراد هذه الأسئلة مع اعترافهم بعدله ؛ يوضحه :
(تنزيه الله سبحانه عن الظلم في قضاءه)
الوجه الثامن : إن طرق الناس اختلفت في حقيقة الظلم الذي ينزه عنه الرب سبحانه وتعالى ؛ فقالت الجبرية هو المحال الممتنع لذاته ، كالجمع بين الضدين ، وكون الشيء موجودا معدوما. قالوا لأن الظلم إما التصرف في ملك الغير بغير إذنه ، وإما مخالفة الأمر ؛ وكلاهما في حق الله تعالى محال ، فإن الله مالك كل شيء ، وليس فوقه آمر تجب طاعته ، قالوا : وأما تصور وجوده وقدر وجوده فهو عدل كائنا ما كان ، وهذا قول جهم ومن اتبعه ، وهو قول كثير من الفقهاء أصحاب الأئمة والأربعة وغيرهم من المتكلمين.
وقالت القدرية : الظلم إضرار غير مستحق ، أو عقوبة العبد على ما ليس من فعله ، أو عقوبته على ما هو مفعول منه ونحو ذلك. قالوا فلو كان سبحانه