(٤ ـ أنواع التأويل الباطل)
والتأويل الباطل أنواع :
(أحدها) ما لم يحتمله اللفظ بوضعه الأول مثل تأويل قوله صلىاللهعليهوسلم : «حتى يضع رب العزة فيها رجله» (١) ـ بأن الرّجل جماعة من الناس ، فإن هذا الشيء لا يعرف في شيء من لغة العرب البتة.
(الثاني) ما لم يحتمله اللفظ ببنيته الخاصة من تثنية أو جمع ، وان احتمله مفردا كتأويل قوله : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) (ص : ٧٥) بالقدرة.
(الثالث) ما لم يحتمله سياقه وتركيبه وإن احتمله في غير ذلك السياق كتأويل قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) (الأنعام : ١٥٨) ، بأن إتيان الرب إتيان بعض آياته التي هي أمره ، وهذا يأباه السياق كل الإباء فإنه يمتنع حمله على ذلك مع التقسيم والتنويع والترديد.
وكتأويل قوله : «إنكم ترون ربكم عيانا كما ترون القمر ليلة البدر صحوا ، ليس دونه سحاب ؛ وكما ترون الشمس في الظهيرة ليس دونها سحاب» (٢) فتأويل الرؤية في هذا السياق بما يخالف حقيقتها وظاهرها في غاية الامتناع : وهو رد وتكذيب يستتر صاحبه بالتأويل.
(الرابع) ما لم يؤلف استعماله في ذلك المعنى في لغة المخاطب وإن ألف في الاصطلاح الحادث ، وهذا موضع زلت فيه أقدام كثير من الناس حيث تأولوا كثيرا من ألفاظ النصوص بما لم يؤلف استعمال اللفظ له في لغة العرب البتة ؛
__________________
(١) أخرجه البخاري (٤٨٥٠) ، ومسلم في (٤ / ٣٥ : ٣٨) من حديث أبي هريرة وأنس.
(٢) رواه البخاري (٧٤٣٥ ـ ٧٤٣٦) عن جرير ببعضه ، وأخرجه مطولا عن أبي هريرة برقم (٧٤٣٧ ، ٧٤٣٩) ، ورواه مسلم في (الإيمان / ١٨٣) من حديث أبي سعيد الخدرى وسيأتي شرحه في بابه إن شاء الله تعالى.