قال : وفائدة الخلاف في هذه المسألة أن من يقول إن ذلك حقيقة في الثاني يحتج بلفظ العموم فيما يخص منه بمجرده من غير دليل يدل عليه ، ومن يقول إنه يكون مجازا لا يمكنه الاحتجاج بالعموم المخصوص فيما بقى إلا بدليل يدل على أنه محمود على ذلك. قال وهذا الذي حكى عن الأشعرى لا يجيء على قوله من وجهين (أحدهما) أن اللفظ المشترك عنده بين العموم والخصوص ، إذا دل الدليل على العموم كان حقيقة فيه ، وإذا دل الدليل على الخصوص وكان حقيقة فكيف يصح على قوله أن يقال إنه حقيقة فيما بقي بعد التخصيص (والثاني) أنه يقول إن اللفظ المستعمل فيما بقى يحتج فيه بمجرده من غير دلالة ، وهذا معنى قولنا إنه حقيقة في الثاني ، فإذا سلم هذا لم يكن تحت قولنا إنه مجاز فيما بقى معنى فإن من قال ذلك يكون مجازا فيما بقى استدل بنكتة واحدة ، وهي أن لفظ العموم موضوع للاستغراق بتجريده ، فإذا دل الدليل على تخصيصه فإنه يحمل على الخصوص ويعدل بعده عن موضوعه بالقرينة التي دلت على خصوصية اللفظ ، وإذا عدل به عن موضوعه إلى غيره كان استعماله فيه مجازا لا حقيقة ، ألا ترى أن اسم الأسد موضوع في الحقيقة للبهيمة ، وإذا استعمل بقرينة في الرجل الشجاع كان مجازا. وكذلك الحمار اسم في الحقيقة للبهيمة. وإذا استعمل بقرينة في الرجل البليد كان مجازا وكذلك لفظ العموم إذا استعمل في الخصوص بقرينة كان مجازا ، قال : ودليلنا أن لفظ العموم إذا ورد مطلقا فإنه يقتضي استغراق الجنس فإذا ورد دليل التخصيص فإن ذلك الدليل يبين ما ليس بمراد باللفظ ويخرجه عنه ليكون هذا الدليل قد أثر فيما يخرجه عنه ويبين أنه ليس بمراد به يؤثر فيما بقي ؛ بل يكون ما بقى الحكم ثابت فيه باللفظ حسب والذي يدل على هذا أن دليل التخصيص مناف لحكم ما بقى من اللفظ مضاد له فلا يجوز أن يؤثر فيه ويثبت الحكم مع مضادته له ومنافاته ، فإنما يؤثر في إسقاط الحكم عما أخرجه وخصه ؛ إذا كان كذلك كان الحكم ثابتا فيما لم يدخله التخصيص بنفس اللفظ من غير قرينة ، وكان حقيقة فيه لا مجازا فيصير لأهل الحرب عندنا اسمان كل واحد منهما حقيقة فيهم ، أحدهما حقيقة فيهم بمجرده وهو قوله اقتلوا أهل الحرب ، والآخر حقيقة فيهم عند وجود قرينة ، وهو أن