أولياؤه وينظرون
إليه نظر مخلوقين إلى خالق ، ينتظرون ثوابه ويرون تدبيره ، لا كنظر مخلوقين إلى
مخلوق ؛ لأنه ليس كالمخلوقين ، ويجوز أن يقال : نظر إلى من ليس كالمخلوق كما ينظر
إلى المخلوق ..! وفي الخلق ما لا يرى وهو الروح والعقل وما أشبههما ، فلا يقال :
إن شيئا من ذلك يرى كما ترى الأشخاص!).
وكذلك ينظر
أولياؤه إليه لا بمعنى جهرة وإحاطة منهم به ، ولكن ينظرون إليه على خلاف التحديد
والإحاطة.
وكلما كان من ثواب
الله في الجنة فلا يعلم كيف هو إلا الله ، إلا أنا نعلم أن معنى الدرك له في الجنة
ليس بتحديد ولا إحاطة ، فاعرف معاني الدرك واعرف فضل الدرك الذي يكون في الآخرة ،
على فضل الدرك الذي يكون في الدنيا ، ولو أمدّ الله عزوجل الأبصار بالمعونة ، حتى تدرك أقل قليل نقطة من القطر في
مدلهم ليل عاتم تحت الأرض السفلى ، من أبعد غايات السماوات العلى ، ما أدركت
الأبصار الله ، وكذلك لو أمدّت الحواس كلها بالمعونات حتى تدرك كل محسوس ما هجم
منها شيء على الله سبحانه ، تبارك وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
إذا الخلاف بينه
وبين من يثبت الرؤية في الآخرة خلاف جوهري ، فهو يصرفها عن معنى الرؤية التي
يفهمها بشر من بشر ، وهم يثبتون هذه الرؤية الحسية ، وقد أفاض الإمام القاسم في
نفي الرؤية على معنى ما ذكر قوم موسى عليهالسلام ، ونفى أيضا اتهام موسى بأنه طلب الرؤية الحسية ؛ يقول
الإمام القاسم : (لو كانت مسألة موسى على ما يتوهم المشبهون ، لنزلت به من العقوبة
مثل ما نزل بغيره ، ولغلّظ الله عليهم تغليظا يعلم العباد أنه أكبر من الصغائر ،
وفي تكفير الله عزوجل الذين قالوا : (أَرِنَا اللهَ
جَهْرَةً) [النساء : ١٥٣] ،
إخراج مسألة موسى عليهالسلام من معنى رؤية الجهرة ، وإخراجه من جهل القوم بالله).
كما رفض الإمام
القاسم روايات المشبهة في الرؤية ، لأنها تتعارض مع روايات أخرى تنفيها ، مع ما
تحمله هذه الروايات من إثبات ما لا يليق بمقام الألوهية ، من التحيز والجهة
والتبعيض والجسمية ، والعرض كاللون والهيئة.
وأوّل الإمام
القاسم معنى (لقاء الله) ، وكذلك (حجاب الكفار) عنه يوم القيامة،