والدنيا دار عمل وبلوى ، فمن خرج من دار البلوى إلى دار الجزاء ، على طاعة أو معصية ، فهو صائر إلى ما أعد الله له خالدا فيها أبدا.
فالله الله في أنفسكم بادروا وجدوا ، وتوبوا قبل أن تحجبوا عن التوبة. ومع ذلك فإن(١) الأمة مجمعة على أن أهل الوعيد من أهل النار.
قال (٢) بعض الناس : إنما عنى بالوعيد المستحلين ، وتواعد به المذنبين ، ليزجرهم عن أعمال الفاسقين.
فقيل لهم : أفيجوز على أحكم الحاكمين ، أن يوعد بعقوبة الكافرين ، من ليس منهم من المذنبين ، وهو يعلم أنه لا يوقع بهم ذلك يوم الدين؟!
فهل يكون من الكذب ، والهزل من القول؟! إلا ما وصفهم به أرحم الراحمين ، إذ كان يوعد قوما بعقوبة قوم آخرين ، لم يكونوا لمثل أعمالهم التي أوجب الله لهم العقوبة عليها عاملين.
وقال بعضهم : إن قوما يخرجون من النار بعد ما يدخلونها.
فقيل لهم إذا اجتمعتم أنتم وأهل الحق على الدخول ، ثم خالفتموهم في الخروج ، فالحق ما اجتمعتم عليه من الدخول ، والباطل ما ادعيتموه ـ بلا إجماع ولا حجة ـ من الخروج. والأمة مجمعة على أن من أتى كبيرة ، أو ترك طاعة فريضة كالصلاة والزكاة والصيام ، من أهل الملة فهو فاسق. (فكلهم قد أقر (٣) بأنه فاسق) (٤) (وهي مختلفة في غير ذلك من أسمائه.
فقال بعضهم : هو مشرك فاسق منافق. وقال بعضهم : هو فاسق كافر.
__________________
ـ الجنة أفيضوا عليهم ، فينبتون نبات الجنة تكون في حميل السيل. أخرجه مسلم ١ / ١٧٢ ، وابن ماجة ٢ / ١٤٤١ ، وأحمد ٣ / ٧٨ ٧٩ ، وابن خزيمة ٢٧٣ ٢٨٠ ، والدارمي ٢ / ٣٣١ ، وأبو عوانة ١ / ١٨٦ ، وغيرهم.
(١) في (أ) و (ج) : إن.
(٢) في (ب) و (د) : فقال.
(٣) في (ب) : أقروا.
(٤) سقط ما بين القوسين من (أ).