أجحد من قريش هؤلاء الذين جمعهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين وصفنا في كتابنا ما لا تنكرهم الأمة؟! فإن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبدى نصيحته لهم أول الخلق. فكيف تزعمون أن صاحبكم يبدي لكم الحق ، ويكتمه عن أهل بيته! عظم فراؤكم على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ووصفتم فعل صاحبكم مضادا لكتاب الله ، وفعل رسوله(١). ومن خالف رسول الله ، فقد خرج من حيّز (٢) رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لقول الله تبارك وتعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب : ٢١]. وقوله تبارك وتعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء : ١]. فأمر الله بصلة الأرحام ، ونهى عن قطيعة الأرحام. أفترون أن صاحبكم وصلكم وقطع رحمه؟! وأي قطيعة أعظم من أن يكتم دين الله ، والحق الذي به يتقرب إلى الله ، ودينه الذي به يعبد الله ، فكتم أرحامه فهلكوا بزعمكم ، حتى استوجبوا النار لتركهم الحق ، فأي قطيعة أعظم من هذا وقد أمر الله أن توصل؟!.
ولكن كذبتم وغيّرتم وأظهرتم الباطل ، فلما أنكر عليكم أهل بيت نبيكم ، رويتم فيهم ما رويتم كذبا وبهتانا ، وخلاف كتاب الله ؛ لأن يصدّق باطلكم في زماننا هذا.
فإن زعمتم أنه يبين لنا ويكتم غيرنا ، لأنه يعلم منا أنا لا نذيع سره ، لما أعطاه الله من علم الغيب ، وتأولتم كتاب الله على غير تأويله ، وزعمتم أنهم المتوسمون ، لقوله سبحانه: (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)) [الحجر : ٧٥]. وقد عرف منا صاحبنا النصيحة ما لم يعرف من غيرنا ، وأخبرنا بما نحتاج إليه ، وعرّفنا نفسه لما علم منا النصيحة والكتمان عليه ، وأنا لا نذيع سره ، وقد كتمكم إذ علم منكم غير ما علم منا.
يقال لهم : أو ليس قد كذّبتم قولكم ، وجهّلتم صاحبكم؟! إذ زعمتم أنه علم منكم أنكم لا تذيعون سره ، أو ليس قد ادعيتم وقلتم للناس واحتججتم على من خالفكم ، ووصفتم فيه ما لم يدّعه هو لنفسه ، مثل علم الغيب ، ومثل قولكم يرانا في
__________________
(١) في (ب) : رسول الله.
(٢) في (أ) و (ج) : خبر. مصحفة.