طالب ، ومثل أحمد (١) بن عيسى بن زيد ، ومثل عبد الله (٢) بن موسى بن عبد الله ،
__________________
الملقب بذي الدمعة ، وذي العبرة ، لكثرة بكائه ، ويكنى أبا عبد الله.
أمه أم ولد ، كان من الأتقياء الصالحين ، خرج مع محمد بن عبد الله النفس الزكية ، قال أبو جعفر المنصور ، لما بلغه خروج الحسين وعيسى ابني زيد : عجبا لهما قد خرجا علي ، وقد قتلنا قاتل أبيهما كما قتله ، وصلبناه كما صلبه ، وأحرقناه كما أحرقه. قال يحيى بن زيد : قالت أمي لأبي : ما أكثر بكاءك؟! فقال : وهل ترك السهمان والنار سرورا يمنعني من البكاء!!. يعني السهمين اللذين قتل بهما أبوه زيد وأخوه يحيى ، والنار التي أحرق بها الإمام زيد عليهالسلام. توفي سنة (١٣٥) ه. وقيل : (١٤٠ ه).
(١) أحمد بن عيسى بن زيد بن علي ، أبو عبد الله. ولد سنة (١٥٧ ه). وقيل : (١٥٨ ه) ، جبل من جبال العلم ، وبحر من الفقه ، زاهد عابد ، إمام من أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
أمه عاتكة بنت الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن الحارث الهاشمية. أتى به وبأخيه زيد حاضر صاحب عيسى بن زيد إلى الهادي العباسي ، بعد موت عيسى ، فعاش في كنف الهادي حتى مات ، ثم كان عند الرشيد إلى أن كبر وخرج فأخذ وحبس ، فخلص من السجن واختفى إلى أن مات بالبصرة سنة (٢٥٣ ه). وقيل : غير ذلك ، توفي وقد جاوز الثمانين وعمي.
(٢) عبد الله بن موسى بن عبد الله الكامل ، أمه أم سلمة بنت طلحة بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، وكان في أيام المأمون متواريا ، فكتب إليه بعد وفاة الرضا ، يدعوه إلى الظهور ليجعله مكانه ، ويبايع له ، فأجابه عبد الله بن موسى برسالة طويلة منها :
«فبأي شيء تغرني؟ ما فعلته بأبي الحسن صلوات الله عليه بالعنب الذي أطعمته إياه فقتلته. والله ما يقعدني عن ذلك خوف من الموت ، ولا كراهة له ، ولكن لا أجد لي فسحة في تسليطك على نفسي ، ولو لا ذلك لأتيتك حتى تريجني من هذه الدنيا الكدرة ، هبني لا ثأر لي عندك! وعند آبائك المستحلين لدمائنا ، الآخذين حقنا ، الذين جاهروا في أمرنا فحذرناهم ، وكنت ألطف حيلة منهم بما استعملته من الرضى بنا والتستر بمحبتنا ، تختل واحدا فواحدا منا ، ولكني كنت امرأ حبب إلي الجهاد ، كما حبب إلى كل امرئ بغيته ، فشحذت سيفي ، وركبت سناني على رمحي ، واستفرهت فرسي ، لم أدر أي العدو أشد ضررا على الإسلام ، فعلمت أن كتاب الله يجمع كل شيء ، فقرأته فإذا فيه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ ، وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً). فما أدري من يلينا منهم ، فأعدت النظر ، فوجدته يقول : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ ، أَوْ أَبْناءَهُمْ ، أَوْ إِخْوانَهُمْ ، أَوْ عَشِيرَتَهُمْ). فعلمت أن عليّ أن أبدأ بما قرب مني ، وتدبرت فإذا أنت أضر على الإسلام والمسلمين ، من كل عدو لهم ، لأن الكفار خرجوا منه وخالفوه فحذرهم الناس وقاتلوهم ، وأنت دخلت فيه ظاهرا ، فأمسك الناس وطفقت تنقض عراه عروة عروة ، فأنت ـ