التسمية عندهم إلا من كان من أهل الجهل والعمى ، لأن الأسماء عندهم للأشياء ثلاثة أسماء:
اسم جوهر كالأرض والسماء.
واسم قنوم ، كفلان المعلوم.
واسم ثالث من عرض وحدث ، يسمى به كل عارض (١) محدث.
وزعمت الفرق الثلاث من النصارى ـ فنعوذ بالله من الجهل بالله (٢) ـ أنها تجد فيما في أيديها من كتب الأنبياء أن المسيح بن مريم هو الله ، وأنه هو ابن (٣) الله ، فجعلوا في قولهم هذا الابن أباه ، ثم رجعوا فجعلوا الأب هو إياه ، (٤) غفلة وسهوا واختلافا ، وعماية وتخرصا واعتسافا ، تصديقا لقول الله فيهم وفي أمثالهم ، ومن كان يقول من أهل الجهالة بمقالتهم ، (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ) (١١) [الذاريات : ٨ ـ ١١].
وإنما أخذت النصارى وقبلت ، هذه الكتب فيما زعمت وقالت ، عند ما صلب عندهم المسيح صلى الله عليه من اليهود ، وليس أحد من خاصتهم ولا عامتهم عند النصارى بعدل ولا محمود ، ولا تقبل شهادته على يهودي مثله ، فكيف تقبل شهادتهم على الله تعالى وعلى رسله.
مع أنّ لما قالت النصارى من ذلك كله مخارج عندنا في التأويل صحيحة ، لا يعمى عنها ولا عما بيّن الله منها إلا من لم يقبل فيها من الله بيانا ولا نصيحة ، ولكن النصارى تأولت تلك الكتب بآرائها ، (٥) وعلى قدر موافقة أهوائها ، فضلّت في ذلك وما تأولت منه بعمى التأويل ، وأضلت من اتبعها عليه عن سواء السبيل.
__________________
(١) سقط من (ج) و (د) : عارض.
(٢) سقط من (ج) : بالله.
(٣) في (ج) : الله وهو ابن. وفي (د) : الله وابن.
(٤) في (ج) : الأب أباه.
(٥) في (ج) : بآرائهم.