ثَمانِيَةٌ) [الحاقة : ٩] ، فقد يمكن أن يكون ثمانية أصناف ، أو ثمانية آلاف ، أو ثمانية معان ، ليس مما يدرك بعيان ، وأن لا يكون كما ظنوا ملائكة ، وأن أقل ما في ذلك إذ (١) لم يأتهم فيه عن الله فيه بيان أن تكون قلوبهم فيه ممترية شاكة ، لأن ذلك قد يخرج في اللسان ، ويتوجه (٢) في فهم أهله بإمكان ، وإن في ذلك لعلما عند أهله مخزونا ، وإن فيه لله لغيبا مكنونا ، يدل على عجائب خفيّة ، ويتجلى (٣) إذا كشف عنه تجلية مضية ، وليس معنى : (فَوْقَهُمْ) ما يذهب إليه الجهلة من الرقاب ، ولا (٤) ما يتوهمون فيه من تشبيه رب الأرباب. والثمانية فقد يمكن فيها ، غير ما قال به الجهلة عليها.
وأما قول الله لا شريك له : (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) [الزمر : ٧٥]. فقد يحتمل حافين ، أن يكون مكبّرين مجلّين. ويحتمل أن يكونوا بأمره عاملين ؛ لأن الاحفاف قد يحتمل ذلك في لسان العرب أبين الاحتمال ، لأنهم يقولون إن قوم فلان لمحفون به في الاجلال.
فإن قال قائل : فما وجه قوله ، فيما ذكر من إحفافهم به من حوله؟ فقد يكونون حافين وإن كانوا من تحته كما يقال : إنهم بفلان لحافون ، وإن كان من علا لي منازله بحيث لا يبصرون ، ذلك كقوله سبحانه فيما أرى ، (٥) لا ما توهم في حمل وأحفّ واستوى : (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) [الحاقة : ١٦ ـ ١٧]. فإذا انشقت السماء للفناء والبلاء ، تحوّزت الملائكة لشقّها إلى الأرجاء ، وهي النواحي ، وصارت حينئذ (٦) حافة حول العرش الباقي ، والعرش فإنما هو السقف الأعلى ، والأسفل ففناؤه قبل فناء الأعلى ، فليعقل هذا من المعنى ، من أراد حقيقة ما عنى ، وليعلم أن سقف أعلى ما فيه الملائكة من السماوات ، غير مسكون بشيء من
__________________
(١) في (ب) و (د) : إذا.
(٢) في (أ) و (ج) : ويوجه.
(٣) في (أ) و (ج) : أو يتجلى.
(٤) يعني : ليس عرشا يحمل فوق الرقاب. وفي (ب) و (د) : وما.
(٥) في (أ) و (ج) : أرى فتعالى.
(٦) سقط من (أ) و (ج) : حينئذ.