__________________
نشأ بين أحياء العرب. فكان أبوه (داذويه) المقفع الفارسي يعمل في جباية الخراج لولاة العراق ، من قبل بني أمية ، وهو على دين المجوسية ، ثم أسلم في آخر عمره ، وولد له ابنه هذا وسماه (روزبه) فنشأ بالبصرة ، وهي يومئذ حلبة العرب ، ومنتدى البلغاء والخطباء والشعراء.
فكان لكل ذلك ـ فوق ذكائه المفرط ـ أعظم أثر في تربيته ، وتهيئته ، لأن يصير من الكتاب والأدباء ، والمترجمين إليها.
وكان مجوسيا مزدكيا ، قيل أسلم على يد عيسى بن علي ـ عم السفاح ـ بمحضر من الناس ، وتسمى (عبد الله) وتكنى بأبي محمد.
وتقرب من بني أمية وولاتهم ، فكان يكتب ليزيد بن عمر بن هبيرة وإلى العراق في عهده ، ثم كتب لأخيه داود بن هبيرة بعده وهو لا يزال مجوسيا. في خلافة مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.
فلما ظهر العباسيون ، وتمكنوا من الأمويين اتصل بعيسى بن علي ـ عم الخليفين السفاح ، والمنصور ـ وكان حاكم الأهواز ، فأسلم على يده ـ كما قيل ـ فكان كاتب ديوانه ، كما قام بتعليم بني أخيه فنون العربية.
والمؤرخون يقولون إنه كان كاتبا بليغا يضارع صديقه الكاتب عبد الحميد الكاتب ، والذي كان يكتب بالشام لمروان بن محمد الملقب بالحمار ـ آخر خلفاء بني أمية.
وترجم له كتب (أرسطاطاليس) الثلاثة في المنطق ، وكتاب (المدخل إلى علم المنطق) المعروف بإيساغوجي. وترجم له عن الفارسية وقيل عن الهندية كتاب (كليلة ودمنة) الشهير.
واتهم بالزندقة.
قال ابن حجر : وحكى الجاحظ أن ابن المقفع ، ومطيع بن أياس ، ويحيى بن زياد ، كانوا يتهمون ، ويقال : إن ابن المقفع مر ببيت نار المجوس ، فتمثل بأبيات عاتكة.
والبيتان ذكرهما الشريف المرتضى في أماليه ، وقال روى ابن شيبة قال حدثني من سمع ابن المقفع وقد مر ببيت نار المجوس ، بعد أن أسلم فلمحه وتمثل :
يا بيت عاتكة الذي أتغزل |
|
حذر العدى وبه الفؤاد موكل |
إني لأمنحك الصدود وإنني |
|
قسما إليك مع الصدود لأميل |
وقال الشريف المرتضى أيضا :
وروى أحمد بن يحيى ثعلب قال : قال ابن المقفع يرثي يحيى بن زياد ، وقال الأخفش : والصحيح أنه يرثي بها ابن أبي العوجاء :
رزئنا أبا عمرو ولا حي مثله |
|
فلله ريب الحادثات بمن وقع |
فإن تك قد فارقتنا وتركتنا |
|
ذوي خلة ما في السداد لها طمع |
لقد جر نفعا فقدنا لك أننا |
|
أمنّا على كل الرزايا من الجزع |