وذلك قوله عزوجل : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)) [ص : ٢٨].
وأما قولك : أخبرني عن كيفيتها؟ فإن الله عزوجل جعل الروح لجسد الإنسان حياة له ، كالأرض إذا اهتزت بالماء ، وتحركت بالنبات ، كذلك الروح إذا صار في الإنسان ، صار حيا متحركا ، إذا امتزج أحدهما بصاحبه.
قال الملحد : وكيف يمتزج الروح بالبدن (١) وقد صار ترابا؟
قال القاسم عليهالسلام : وكيف يمتزج الماء بالأرض الهامدة؟ إذا صارت قاحلة يابسة.
قال الملحد : هو أن يمطر عليها ، أو يجري فيها فيتصل أجزاء الأرض بأجزاء الماء ، بالمشاكلة التي بينهما ، فعندها تهتز وتتحرك.
قال القاسم عليهالسلام : وكذلك الروح ، يرسل (٢) إلى ذلك التراب ، فيماسه ويمازجه ، فحينئذ يحيى الإنسان ويتحرك. أولا ترى إلى بدء خلق الإنسان ، كيف كان؟! أو ليس (٣) تعلم أنه كان ترابا ، فلما جمع الله بينه وبين روحه صار إنسانا ، فأصل خلق الإنسان يدلك على آخره ، أولا تسمع قوله سبحانه : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠)) [يس: ٧٩ ـ ٨٠].
قال الملحد : إنه ليس بين الروح والتراب مشاكلة ، فيما يعرف!
قال القاسم عليهالسلام : فهل تعلم (٤) بين النار والشجر الأخضر مشاكلة؟
قال الملحد : نعم. وهي أنها مجموعة (٥) من الطبائع الأربع إحداهن
__________________
(١) في (ب) و (د) : بالجسد.
(٢) في (ه) : يوصل.
(٣) في (ه) : أولست.
(٤) في (د) و (ه) : تعرف.
(٥) في (ه) : مخلوقة.