يزدادوا في العمى عن الله إلا تماديا ، ولم يجيبوا له إلى الهدى من الهادين إلى الله داعيا ، وعدوا إساءتهم فيما بينهم وبين الله إحسانا ، وكفرهم بالله ورسله وكتبه إيمانا ، وجعلوا لله مثل السوء ولهم المثل الأعلى ، فتبارك الله عما قالوا به عليه وتعالى ، ونسبوا إلى الله سبحانه جور الحكم ، وبرءوا أنفسهم من الجور والظلم ، وهم بما نسبوا إليه سبحانه من الجور والظلم أولى ، وله سبحانه لا لهم المثل الأعلى ، ومثل السوء فلهم كما قال سبحانه : وهم كاذبون ، (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) [النحل : ٦٢]. وقال سبحانه : (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠)) [النحل : ٦٠].
ولعمري ما آمن بالآخرة مصدقا ، ولا وجد لما حقق الله منها محققا ، من أكذب وعدها ووعيدها ، وأنكر من جزاء المحسن والمسيء عتيدها (١) ، والله يقول سبحانه : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ)(٤) [يونس : ٤].
ويقول سبحانه : (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا (٢٩) ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى (٣٠) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)(٣١) [النجم : ٢٩ ـ ٣١].
ويقول سبحانه : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (١٢٣) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (١٢٤)) [النساء : ١٢٣ ـ ١٢٤].
ويقول سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ
__________________
(١) العتيد : المعد الحاضر.