خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(٩٩) [الأنعام : ٩٥ ـ ٩٩]. ففلق (١) الحب ـ يا بني ـ والنوى والاصباح ، وإخراج (٢) الحي من الميت والميت من الحي بأوضح الايضاح ، وما جعل من الليل سكنا ، ولباسا مكنّا (٣) ، ومن الشمس والقمر حسبانا معدودا ، وما جعل في النجوم للسارين من الهدى ، وإنشاء البشر من نفس واحدة ، فما لا تنكره فرقة ملحدة ولا غير ملحدة. وما استودع منهم في الأرحام والأصلاب ، وما استقر ـ منهم في قرار الأرض وعلى متن التراب ، وما أنزل من الماء ، من جو السماء ، وما أخرج به من خضر الألوان المختلفة ، وأصناف الحبوب المتراكبة المتصنفة ، وما أخرج به من النخل وطلعها ، وقنوانها الدانية عند ينعها ، وما أخرج به من جنات الأعناب ذوات الألوان ، وما تشابه أو لم يتشابه من الزيتون والرمان ـ فمعاين كله بما قال الله فيه مشهود ، بيّن فيه كله أثر صنع الله موجود ، لا يقدر أحد له بحجة على إنكار ، ولا يمتنع حكيم على الله فيه من إقرار.
ومن توقيفه سبحانه المكرّم ، وتعليمه تبارك وتعالى المحكم ، قوله : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣١) فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢)) [يونس : ٣١ ـ ٣٢].
وكل ما ذكر الله سبحانه من هذا كله (٤) فقد علمنا بيقين ، وأدركنا بقلب وعين ، أنه مرزوق غير رازق ، ومخلوق ليس لنفسه بخالق ، ومملوك غير مالك من نفسه بشيء ، ومخرج ومحيا غير مخرج لنفسه ولا محيي ، وكل أمر السماء والأرض فقد يعاين
__________________
(١) في (ب) و (ح) : ففلق.
(٢) في (ب) و (ح) : وأخرج.
(٣) أي : ساترا.
(٤) سقط من (أ) : كله.