بان بعضهم من بعض
وكانت لكل من جعلها الله له خاصة صنفية ، فهي لهم وبينهم ولهم اختلاف ، وكلهم بها
وبما جعل الله منها أصناف ، بعضهم غير بعض ، كما السماء غير الأرض.
وليس من وراء ما
قلنا في الدرك لمعرفة الله والوصول إلى العلم بالله قول ، ولا بعد الذي عددنا
وحددنا في أصول المعارف بالله أصل معقول.
ولا بد من النظر
لمن أراد يقين المعرفة بالله ، في تصحيح كل ما وصفنا صفة بعد صفة في معرفة الله ،
ليأتي المعرفة بالله من بابها ، وليسلم بذلك من شكوك النفس وارتيابها ، فإنه لن
تزكو نفس ولن تطيب ، ولن يهتدي امرؤ ولن يصيب ، اعتلج في صدره بالله ريب مريب ،
ولا كان فيه لشك في الله نصيب.
فنستعين بالله على
معرفته ويقينها ، ونرغب إليه في يقين أوليائه ودينها ، فان ذلك ما لا يثبت لمن
ادعاه بدعوى غير ذات بيّنة ولا أصل ، فضلا عن من كذّب دعواه في ذلك من العامة سوء
الفعل ، فقال : أعرف الله بلسانه ، وكذّب ما ادعى من المعرفة له بكبير عصيانه.
فإذا قيل له : بم
عرفت ما تزعم ، ومن أين علمت ما تقول إنك تعلم؟!
قال : يا سبحان الله! ومن يجهل الله؟! وهل يسأل أحد عن معرفة الله؟!
وليس عنده من وجوه
المعارف التي عددنا كلها وجه! ولا له في الجهل بالله لفاحش عصيانه مثل ولا شبه ،
يقول أبدا فيكذب ، ويخوض أبدا ويلعب ، فقوله خوض وزور ، وفعاله فساد وبور ، ولا
يصدّق قوله بفعال ، ولا يقوّم دعواه إلّا بمحال ، لا يفهمه عنه لبيب ، ولا يصوّب
مذهبه فيه مصيب ، كالبهيمة المهملة الراتعة ، التي لا همة لها إلا في مأكل أو متعة
، كما قال الله جل جلاله ، عن أن يحويه قول أو يناله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ
وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) [محمد : ١٢]. وقال
سبحانه : (أُولئِكَ
كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ
__________________