ومن هنا كان الإصلاح النفسي ، الدعامة الأولى لتغليب الخير في هذه الحياة.
فإذا لم تصلح النفوس أظلمت الآفاق ، وسادت الفتن حاضر الناس ومستقبلهم.
لهذا وضع الإمام القاسم عليهالسلام دستورا في الأخلاق والحكم والآداب وعلم النفس ، عالج فيه كل الاختلالات التي تحدث جراء التفلت من وثاق الأخلاق ، وقدّم رؤى متقدمة في علم النفس من منظور إسلامي قلّ أن تجد لها نظيرا في ما كتب في هذا السبيل ، في كتابين يعدان قطعة أدبية متميزة ، هما كتاب (المكنون) ، وكتاب (سياسة النفس) ، والكتابان من عنوانيهما لهما دلالة عميقة ، فهما لا يهتمان بالأخلاق الظاهرة والإصلاح القشري للإنسان ، ولكنهما يتجهان إلى أعماق النفس البشرية ليلامسا فيها نوازع الخير فينميانها ، ونوازع الشر فيقتلعانها ، بحكمة الحكيم المفكر ، وأناءة الحليم المستبصر.
وكنت قد أزمعت على نقل فقرات من الكتابين لضرب الأمثلة ، إلا أني عدلت عن هذا خشية إثقال المقدمة بالنصوص.
* * *