أي لكون المدرك موجودا «في حال عدم الحياة» لأنكم جعلتم وجود المدرك لازما للإدراك «إذ لا فرق» بين اللّازمين «فالجماد عندكم» بهذا الاعتبار «سميع بصير» لأجل وجود المدرك كما زعمتم والمعلوم بطلانه.
«قالوا» لو كان الإدراك في حق الله تعالى بمعنى العلم لما وجدنا الفرق بين إدراك الشيء والعلم به وقد «وجدنا الفرق بين العلم والإدراك بالسمع والبصر» وذلك «كلو فتح أحدنا عينيه وأمامه مرئي» فإنه يراه لا محالة «ثم» إذا «غمّض» عينيه لم يره مع أنه يعلمه قطعا ، فعلمه به حين يغمّض عينيه مغاير لإدراكه حين فتح الحدقة ، فثبت الفرق بين العلم والإدراك «وأجلى الأمور» الفارقة «ما وجد من النفس» أي من العقل.
«قلنا» إنّا لا ننفي إدراكه تعالى للمدركات» أي علمه بها «ولكن بذاته» لا بسمع ولا بصر ولا حياة «كما سيأتي إن شاء الله تعالى».
وأما اختلاف الإدراك في حق الله سبحانه فمحال ، لأن الاختلاف إنما يكون بحسب الآلات ، والآلة لا تكون إلّا للمخلوق كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
«وأما قياسكم» له تعالى على المخلوق في فتح العينين وتغميضهما «ففاسد لأنه ليس له تعالى من جارحة عينين يفتحهما ثم يغمضهما تعالى الله عن ذلك ، فالفرق بينكم وبينه جليّ إذ لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس ليس كمثله شيء ولم يكن له كفوا أحد» فبطل ما ذكره المخالف وصح ما ذكره أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
واعلم : أن مسألة الإدراك لا يريدون بها الاقتصار على السمع والبصر بل يريدون جميع أنواع المدركات أنها مخالفة للعلم في حق الله تعالى قال النجري في شرح القلائد : واعلم أن التعبير عن هذه الصفة بكونه مدركا كما ذكره الإمام (يعني الإمام المهدي أحمد بن يحيى عليهالسلام) أولى من التعبير عنها بكونه سامعا مبصرا ، لأنّ كونه مدركا يشمل جميع أنواع المدركات المسموعات والمبصرات والمطعومات والمشمومات والملموسات ، فإن الله تعالى