التحسين والتقبيح العقليين لتلازم هاتين المسألتين.
روي أن الإمام الهادي عليهالسلام لما دخل صنعاء اجتمع لمناظرته سبعة آلاف فقيه منهم ، واختاروا منهم سبعمائة فقيه وكبيرهم النّقوي ، فلما حضروا للمناظرة قال النقوي للهاديعليهالسلام :
يا سيدنا : ما تقول في المعاصي؟
فقال الهادي عليهالسلام : (ومن العاصي؟).
فلم يجبه النقوي بشيء وبقي متحيّرا فلامه أصحابه بعد ذلك فقال :
إن قلت الله كفرت ، وإن قلت العبد خرجت من مذهبي.
ثم ثبت الحكم في صنعاء بعد ذلك بمذهب أهل العدل.
«ويلزم» من إفكهم ذلك «بطلان الأوامر والنواهي» من الله تعالى «وإرسال الرسل» إلى المكلفين «لأنه لا فعل للمأمور» بزعمهم فكيف يحسن أمر من لا يستطيع الفعل ونهيه؟
وكيف يحسن إرسال الرسل وإنزال الكتب مع ذلك؟
«والكل» مما اعتقدوه ولزمهم «كفر» لا ريب فيه.
«قالوا : قال الله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (١) وجعلوا ما مصدريّة أي والله خلقكم وعملكم.
«قلنا :» ليس كما زعمتم «بل معناه : والله خلقكم والحجارة التي تعملونها» وتنحتونها «أصناما لكم» تعبدونها من دون الله فكيف تعدلون عن عبادة الله ربكم إلى عبادة الحجارة التي تعملونها أنتم بأيديكم أصناما وتصورونها بزعمكم آلهة هذا من أحول المحال أن تصنعوا لكم أربابا بأيديكم وهي من الحجارة والخشب التي خلقها الله تعالى غير أصنام.
«بدليل أول الكلام وهو قوله تعالى : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) أي : أتوجهون العبادة لما تصنعونه بأيديكم وهذا إنكار عليهم فلو كان النّحت والعبادة فعل الله لما تمّ الإنكار عليهم ولاستقامت لإبراهيم عليهالسلام حجة
__________________
(١) الصّافات (٩٦).