يدركها جميعا لكنه لا يسمّى شامّا ولا طاعما ولا لامسا كما أنه يسمّى (١) سامعا (٢) ومبصرا.
قال : وهي تشارك الصفات الأربع في الوجوب ، وتخالفها في كون تلك ثابتة في الأزل ، وكونه مدركا متجدّدة إذ هي مشروطة بوجود المدرك.
قلت : وقوله : لكنه لا يسمّى شامّا ولا طاعما ولا لامسا كما أنه يسمّى سامعا مبصرا فرار غير مخلّص ، لأنه إذا كان سامعا مبصرا حقيقة له تعالى بمعنى حي لا آفة به فلذلك يكون حكم الشّام والطاعم واللّامس فيلزم أن تطلق هذه الأسماء كلها على الله تعالى لأنها كلها عندهم بمعنى حي لا آفة به أو حي ليس بذي آلة على حسب اختلافهم في ذلك ، ومع ذلك فهو حقيقة عندهم ، فإذا (٣) كان حقيقة فلا تفتقر إلى السمع ، فكان يلزم أن يجوز إجراء هذه الأسماء على الله تعالى على قياس قولهم إن الإدراك صفة زائدة على العلم وذلك لا يجوز اتفاقا.
وقولهم : إنها متجددة يناقض قولهم إنها تشارك الأربع في الوجوب لأن الواجب لذاته بزعمهم غير متجدد.
ومما يؤكد بطلان قولهم : ما حكاه في الشامل عن أبي القاسم بن سهلويه أنه قال : إن الله تعالى لا يدرك الألم واللّذة.
قال : لأن الألم واللّذة لا يدركان إلّا بمحل الحياة في محل الحياة وهذا محال في حقه تعالى.
قال : ولأنه لا حكم لإدراك الألم إلّا مع النفرة ، ولا حكم لإدراك اللّذة إلّا مع الشهوة ، والله تعالى يستحيل في حقه الشهوة والنفار انتهى.
قلت : وهذا حق ، وإذا ثبت استحالة ذلك في اللّذة والألم ثبت في غيرهما من المدركات كما ذكرنا من قبل.
__________________
(١) في (ض) كما أنه لا يسمّى.
(٢) (أ) سامعا مبصرا.
(٣) فإن نسخة.