الملائكة صلوات الله عليهم السموات من المصلحة وهم رسل الله سبحانه إلى عباده بالخير والشر ، ولما فطر الله سبحانه الهواء على حمل السحاب وإنشاء المطر فيه وكونه سببا لأرزاق الحيوان وغير ذلك من المصالح العظيمة والمنافع الجسيمة ، فكل خير ينزل من السماء وكل بلاء (١) كذلك فلذلك شرع فتح الأكف في الدعاء بالخير وتوجيه باطن الراحة إلى السماء وقلبها وتوجيه الراحة منها إلى الأرض عند الاستعاذة من الشر واستكفاء الشدائد تفاؤلا ، وبما وصفنا من منافع الهوى وآثار الحكمة فيه وما لم نذكره يعلم (٢) أنه مخلوق لمنافع الخلق ولأنه جعل متنفّسا للأرواح.
وأما قول الموحّدين : إن الله بكل مكان فمعناه أنه حافظ مدبّر بكل مكان لا يغيب عن الأشياء ولا يغيب عنه شيء قرب أو نأى.
قال علي عليهالسلام في جواب الجاثليق حين قال له : أخبرني عن الله سبحانه أين هو؟
فقال عليهالسلام : (هو هاهنا وهاهنا وهاهنا فوقنا وتحتنا ومحيط بنا وهو معنا لا يزول ، وذلك قوله تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا) ... الآية (٣).
قال «جمهور أئمتنا عليهمالسلام» كالقاسم والهادي والناصر والمرتضى وغيرهم من «المتقدمين» عليهمالسلام «ونشوان» بن سعيد الحميري : «والعرش» الذي ذكره الله في القرآن مجاز لأنه «عبارة عن عز الله تعالى وملكه وذلك» أي التعبير بالعرش عن العزّ والملك «ثابت لغة ، قال ربيعة بن عبيد :
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم |
|
بعتيبة بن الحارث بن شهاب» |
أي هدمت عزّهم وملكهم.
__________________
(١) (ض) شر.
(٢) (ض) فعلم.
(٣) المجادلة (٧).