تكون الحياة مقتضية للإدراك لا في الشاهد ولا في الغائب.
«وإن سلّم» لهم (١) ما زعموه على استحالته «لزم أن يرى الأعمى» المبصرات «ويسمع الأصمّ» المسموعات «بأيّ عضو من جسديهما لوجود الحياة في ذلك العضو وسلامته من الآفة» وكذلك من غطّى على عينيه أو سدّ أذنيه وذلك معلوم البطلان.
«قالوا : يلزم» من القول بأن الإدراك في اللغة بمعنى في العين أو الصّماخين أو في غيرهما «شيئان : الأول : أن يوجد المعنى» الذي يدرك به «ويعدم المدرك» أي المسموع والمبصر ونحوهما «ويدرك في حال عدمه لوجود المعنى» الذي يدرك به ، وإلّا كان خلق المعنى مع عدم وجود المدرك عبثا والله يتعالى عنه «والثاني : أن يعدم المعنى ويوجد المدرك» الذي هو المسموع والمبصر ونحوهما «ولا يدرك لعدم المعنى» الذي يدرك به.
«قلنا : لم جعلتم الأول» وهو وجود المعنى وعدم المدرك وإدراكه في حال عدمه «لازما» لنا ومن أيّ وجه يلزمنا ، لأن وجود المعنى سببا لإدراك المدرك حين وجوده لا حين عدمه «فيلزمكم» إن جعلتم ذلك لازما لنا مثل ما ألزمتمونا وهو «أن يعدم المدرك ويدرك في حال عدمه لوجود الحياة والسلامة من الآفة» الموجبتين للإدراك بزعمكم كما زعمتم أن وجود المعنى لازما لإدراك المدرك في حال عدمه إذ لا فرق بين اللّازمين ، «و» نحن «لا نلتزمه» أي لا نلتزم ما ألزمتمونا «لعدم تعلّقه» أي المعنى «بالمدرك في حال عدمه» لأنه جعل آلة للإدراك حين يوجد المدرك وليس ذلك من قبيل العلّة والمعلول.
«وأمّا الثاني» من الإلزامين وهو أن يعدم المعنى ويوجد المدرك ولا يدرك لعدم المعنى «فملتزم» أي نحن نقول به وهو «لا يقدح» في قولنا إذ هو «نحو وجود المدرك عند الأعمى والأصمّ» فهما غير مدركين له قطعا ، وعدم إدراكه إنما كان «لعدم المعنى» الذي جعله الله آلة للإدراك «وأنتم» إذ «جعلتموه قادحا فيلزمكم» مثل ما ألزمتمونا أيضا وهو «أن يدرك» أي «المدرك لوجوده»
__________________
(١) (أ) ناقص لهم.