غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (١) وكذلك معنى الآية الأخرى وما شابهها من الآيات.
(فصل)
«في بيان معاني كلمات من المتشابه»
لمّا أتمّ عليهالسلام الكلام على أهل الجبر حسن أن يذكر بعض معاني كلمات من متشابه القرآن الذي ربّما توهموه شبهة في اعتقادهم الفاسد قال الله سبحانه : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) (٢).
و «اعلم أن» المتشابه في القرآن كثير وكذلك في السنّة فمن ذلك «الهدى» فإنه في أصل اللغة بمعنى» الدّلالة والإرشاد و «الدّعاء إلى الخير» كما «قال الله تعالى :» (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) (٣).
وقال تعالى : (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) (٤) أي دعوناهم إلى الخير ودللناهم عليه بما ركّبنا فيهم من العقول وإرسال الرّسل والتمكين من العمل «فاستحبوا العمى» وهو الكفر وآثروه «على الهدى» وهو الإيمان ، «و» قد يكون الهدى أيضا «بمعنى زيادة البصيرة» وهي التبصر فيما يقرّب إلى الله سبحانه وتعالى وذلك «بتنوير القلب» أي بتوفيق لفعل الطاعات واجتناب المقبّحات ومحبة لذلك وتأييد عليه «بزيادة منه تعالى في العقل» الذي هو القائد إلى كل خير كما «قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) (٥) أي زيادة في بصائرهم بتنوير قلوبهم «ومثله قوله تعالى : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (٦) «أي
__________________
(١) إبراهيم (٤٢).
(٢) آل عمران (٧).
(٣) الليل (١٢).
(٤) فصّلت (١٧).
(٥) محمد (١٧).
(٦) الأنفال (٢٩).