وأما كون العبد لا يخلو عن (١) فعل فهو بناء على أصل فاسد وقد تقدّم إبطاله قالوا : ولنا حجة على مذهبنا : أن حسن ذم من أخل بالواجب معلوم ضرورة من غير نظر إلى صدور فعل من ذلك الذي ترك الواجب ، فإنه من بلغنا أنه ترك واجبا متعمّدا حسن منّا ذمّه ، وإن لم يخطر ببالنا ما فعل في ذلك الوقت وهل فعل شيئا أو لا ، فلولا أن النفي هو جهة الاستحقاق لما حسن منا ذلك.
ويمكن أن يقال : إنما حسن ذمّه لأنه قد نوى ترك الواجب فقد فعل فعلا وهو النيّة بدليل أنه لو لم ينو الترك كالساهي والنائم لم يستحق عقابا. وقال الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد قدس الله روحه : لا يكون (٢) الثواب ولا العقاب في التحقيق إلّا على فعل ، فالصوم كف النفس عن المفطرات وتجنب الحرام كف النفس عن فعله بدليل أنه لو لم يكن قاصدا لذلك بل كان ساهيا أو عازما على فعل الحرام أو المفطّر لم يصح صومه ولا استحقاقه للثواب على ترك القبيح ، إذ لا قائل : بأن للساهي والعازم على فعل القبيح ثوابا البتّة ، وكذلك ترك ما لا يقدر عليه من القبيح وإنما يتصور الترك فيما يقدر عليه لا من الساهي والنائم والجاهل بالشيء انتهى.
(فصل)
في الإرادة
هذه المسألة يذكرها كثير من أهل علم الكلام في كتاب التوحيد عند ذكر صفات الله تعالى الفعلية.
وبعضهم يجعلها في كتاب العدل وهي من أعظم مسائل المعتزلة خبطا وحرصا وخطرا.
وهي من المخلوق النّيّة والضمير.
وأما من الخالق فقال «جمهور أئمتنا عليهم» «السلام و» أبو القاسم «البلخي و» إبراهيم بن سيار «النظام» وأبو الهذيل وغيرهم : «وإرادة الله
__________________
(١) (ض) من فعل.
(٢) (أ) ولا يكون.