معنى للنطق إلّا إسماع المخاطب وإلّا عدّ الناطق به سخيفا غير كامل العقل.
ومما يؤيد قولنا أنهما بمعنى عالم : قول أمير المؤمنين عليهالسلام : (عينه المشاهدة لخلقه ، ومشاهدته لخلقه أن لا امتناع منه وسمعه الإتقان لبريّته ، ومشيئته الإنفاذ لحكمه ، وإرادته الإمضاء لأموره) وقول محمد بن القاسم عليهالسلام : وقول الله سميع بصير يريد بذلك أنها لا تخفى عليه الأصوات المسموعة كلها ، وأنه عالم بالأشخاص والأشباح وصفاتها وهيئتها وباطنها وظاهرها لا يخفى عليه شيء من درك (١) الإبصار مما تدرك الأبصار منها كلها ، بل دركه لها وعلمه بها أجود وأبلغ من درك الأبصار كلها.
«قالوا» أي من خالفنا من المعتزلة ومن تابعهم «بل هما» أي سميع بصير «حقيقة كذلك» أي لغوية «لمن يصح أن يدرك المسموع والمبصر» بالحياة لا بغيرها شاهدا وغائبا ، وهذا قول جمهور المعتزلة وعند أبي هاشم ومن تابعه أنهما حقيقة كذلك لمن يصح أن يدرك المسموع والمبصر بالحياة بشرط عدم الآفة شاهدا وغائبا.
«قلنا» في الرد عليهم «الأعمى والأصم حيّان و» هما «لا يدركان المسموع والمبصر» قطعا ، فلو كانت الحياة مقتضية للإدراك كما زعمتم لأدركا المسموع والمبصر لوجودها فيهما.
«قالوا : إنما لم يدركا لمانع وهو الآفة» الحاصلة في السمع والبصر.
«قلنا : تلك الآفة» إنما «هي سلب ذلك المعنى» الذي ركّبه الله تعالى في الحدق وفي الصّماخين ، فثبت أن الإدراك به فلمّا سلبه الله تعالى من الحاسّة بطل الإدراك «وإلا» أي وإن لم يكن الإدراك بذلك المعنى ولم يكن سلبه هو المانع من الإدراك «لزم أن لا يدرك المأيوف بغير سلبه» أي يلزم أن لا يدرك من كان فيه آفة غير سلب ذلك المعنى «كالأرمد» والأجذم وغيرهما فيلزم أن يكونوا غير مدركين لوجود الآفة.
والمعلوم أن الأرمد ونحوه يدركون المسموع والمبصر ونحوهما ، فبطل أن
__________________
(١) (أ) إدراك.