المقتضي للإدراك فسوّى بعضهم في ذلك بين الخالق والمخلوق في كون هذه الصفة مقتضاة عن كونه تعالى حيّا.
وبعضهم فرّق في ذلك بين الخالق والمخلوق فقال : المقتضي لها في الشاهد معنى كما يقوله في القادريّة والعالميّة في الشاهد أنها مقتضاة عن المعنى ، وفي الغائب كونه حيّا ليس بذي آلة ، وبعضهم يقول كونه حيّا لا آفة به وهذا (١) قول أبي هاشم وأصحابه. واعلم أن هذه المسألة قد عظم خبط المعتزلة فيها مع كونها عظيمة الخطر وقد بسطنا كثيرا من أقوالهم في الشرح فليطالع.
قال عليهالسلام : «قلنا» في الرد عليهم «السّميع حقيقة لغويّة» أي السميع حال كونه حقيقة لغوية «موضوعة لمن يصح أن يدرك المسموع بمعنى محلّه الصماخ» أي ثقب الأذنين ، «والبصير» حال كونه «حقيقة كذلك» أي لغوية «لمن يصح أن يدرك المبصر» أي المشاهد بفتح الهاء «بمعنى محلّه الحدق» أي العيون الجارحة ، وكذلك الشمّ فإنه يدرك بمعنى ركبه الله في الأنف والذوق بمعنى ركبه الله في اللّسان ، واللّمس بمعنى ركبه الله في العضو ، وهذه الأعراض ضرورية من فطرة الله تعالى.
قال الإمام أحمد بن سليمان عليهالسلام : والدليل على أن الحسّ عرض أن الإنسان إذا نام لم تحس جوارحه شيئا.
«والله سبحانه ليس كذلك» أي ليس بذي آلة ولا تحلّه الأعراض ، «فلم يبق إلّا أنهما بمعنى عالم و» أيضا قد «قال تعالى (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ) ... (٢) الآية فصرح سبحانه بأنه يسمع السّرّ «والسّرّ إضمار في القلب غير صوت» بدليل عطف النجوى عليه وكما «قال الله تعالى : (فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ) (٣) أي أسر الكلمة التي هي قوله «أنتم شرّ مكانا» أي أخفاها في نفسه أي أخطرها بباله ولم ينطق بها ، إذ لا
__________________
(١) (أ) وهو قول أبي هاشم وأصحابه تمت.
(٢) الزخرف (٨٠).
(٣) يوسف (٧٧).