بها الله تعالى على من جحد وكفر حيث قال عزوجل : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ..) الآية (١).
وقال تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى ..) الآية (٢).
«وأما غيرهما» أي غير السموات والأرض «مما ذكر في سياق الآية» المتقدم ذكرها «فحدوثه مدرك ضرورة» أي بضرورة العقل أي بالعيان والمشاهدة والعلم الذي لا يحتاج إلى نظر واستدلال بل علم بالضرورة أنه كان بعد إن لم يكن «فحدوث العالم لا يخلو إمّا أن يكون لفاعل أو لغيره» ممّا (٣) زعم أنه يؤثر كالعلّة ونحوها «أو لا لفاعل ولا لغيره ليس الثالث لأنّ تأثيرا لا مؤثر له محال» يعرف بضرورة العقل وبذا أي بكونه محالا «يعرف بطلان قول عوام الملحدة إن الدجاجة والبيضة محدثتان ولا محدث لهما» ، وكذا قولهم في الحوادث اليومية ، ويكفي في بطلان قولهم كونه جحدا للضرورة فإن العقلاء يحكمون بفطرة عقولهم أن المحدث لا بدّ له من محدث ، وأن الأثر لا بد له من مؤثّر «و» بذا يعرف أيضا بطلان «قول ثمامة» بن الأشرس من المعتزلة إنّ «المتولد» من الأفعال «حدث لا محدث له» وسيأتي تحقيق قوله وإبطاله إن شاء الله تعالى «وإلّا» أي وإن لم يكن تأثير لا مؤثر له محال عند العقلاء «لزم أن يوجد بناء بلا بان وهو» محال فثبت أن المحدث لا بدّ له من محدث ، ولا الثاني وهو كون المؤثر في العالم علّة أو نحوها ممّا زعم تأثيره وإن كان في الحقيقة غير مؤثر «إذ لا تأثير لغير الفاعل كما تقدم في فصل المؤثرات فثبت أنه» أي حدوث العالم «لفاعل» أحدثه وصنعه واخترعه من العدم المحض بعد أن لم يكن شيئا وهو الله رب العالمين.
«قالوا» أي من خالف في حدوث العالم من الفلاسفة وغيرهم «تعلّق القدرة به» أي بالعالم «في حال عدمه محال ، قلنا : بل محال أن تتعلق القدرة» من الفاعل «بالموجود» إذ هو بعد (٤) وجوده مستغن عن المؤثر.
__________________
(١) يس (٧٨).
(٢) الواقعة (٦٢).
(٣) (ب) كما زعم.
(٤) (أ) حال وجوده.