«وإنما تتعلّق» القدرة «بالمعدوم لتحصيله» أي لإيجاده لأنّ المقدور لو كان حاصلا عند تعلّق القدرة به لتحصيله [كما ذكرتم] لأغنى (١) ذلك أي حصوله عن تعلّق القدرة به فيبطل (٢) ما زعمتموه قالوا : دليلنا : العمارة فإنها تعلّقت القدرة بالحجارة للعمارة والحجارة موجودةحال العمارة.
قلنا : الحجارة ليست العمارة وإنما هي من جملة آلة العمارة لأن العمارة هي ضم الأحجار بعضها إلى بعض على الصّفة المخصوصة ، فتعلق القدرة بالعمارة إنما كان حال عدمها أي عدم العمارة بواسطة الآلةالتي هي الحجارة ونحوها.
قالوا : العمارة هي نفس الحجارة وإنما كانت العمارة كامنة في نفسهاأي في نفس الحجارة.
«قلنا» : هذا هو المحال الذي لا يخفى على أهل العقول لأن كون (٣) الشيء كامنا في نفسه لا يعقل لأنّا نعلم بضرورة العقل أنّا لو فتّشنا الحجارة وكسّرناها لم نجد فيها الدور والبيوت.
واعلم : أن كثيرا من المتأخرين يعتمدون في حدوث العالم على دليل الدعاوى وتقريره بأربعة أصول :
أحدها : أنّ في الجسم عرضا غيره. ثانيها : أن ذلك العرض محدث.
ثالثها : أن الجسم لم يخل منه ولم يتقدّمه. رابعها : أن ملازمته إياه يستلزم حدوثه.
أما إثبات الأصل الأول وهو : أن في الجسم عرضا غيره : فإنه معلوم بالضرورة لأنّ كل عاقل يفرق بين المجتمع والمفترق والمتحرك والساكن تفرقة ضرورية لا تندفع بشك ولا شبهة.
والمراد بالعرض : الصفة اللّازمة للجسم كالاحتراك والسكون والاجتماع
__________________
(١) (أ) لأغناه.
(٢) فبطل.
(٣) (ب) لأن كمون الشيء في نفسه لا يعقل.