فصل
والحكمة العليا على نوعين أي |
|
ضا حصلا بقواطع البرهان |
إحداهما في خلقه سبحانه |
|
نوعان أيضا ليس يفترقان |
احكام هذا الخلق إذ إيجاده |
|
في غاية الإحكام والإتقان |
وصدوره من أجل غايات له |
|
وله عليها حمد كل لسان |
والحكمة الأخرى فحكمة شرعه |
|
أيضا وفيها ذانك الوصفان |
غاياتها اللائي حمدن وكونها |
|
في غاية الإتقان والإحسان |
الشرح : يقول العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمهالله في شرحه لهذه الأبيات.
وحكمته نوعان : أحدهما الحكمة في خلقه ، فإنه خلق الخلق بالحق ومشتملا على الحق ، وكان غايته والمقصود به الحق ، خلق المخلوقات كلها بأحسن نظام ، ورتبها أكمل ترتيب ، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به ، بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات ، وكل عضو من أعضاء الحيوانات خلقته وهيئته ، فلا يرى أحد في خلقه خللا ولا نقصا ولا فطورا ، فلو اجتمعت عقول الخلق من أولهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن والانتظام والإتقان لم يقدروا ، وأنّى لهم القدرة على شيء من ذلك ، وحسب العقلاء الحكماء منهم أن يعرفوا كثيرا من حكمه ويطلعوا على بعض ما فيها من الحسن والإتقان. وهذا أمر معلوم قطعا بما يعلم من عظمته وكمال صفاته وتتبع حكمه في الخلق والأمر.
وقد تحدى عباده أن ينظروا ويكرروا النظر والتأمل ، هل يجدون في خلقه خللا أو نقصا ، وأنه لا بد أن ترجع الأبصار كليلة عاجزة عن الانتقاد على شيء من مخلوقاته.
(النوع الثاني) الحكمة في شرعه وأمره ، فإنه تعالى شرع الشرائع وأنزل الكتب