وأما خصومكم من أهل الحق فقد اتخذوا أصلا لهم محكم القرآن وسنة الرسول وفطرة الرحمن وهي أقوى الأصول وأثبتها ، ولهذا حين بنوا عليها شمخ بناؤهم وبلغ أجواز السماء ، فما أعظمه من بناء ، وأما أنتم فحين بنيتم على أصلكم الواهي المنهار بنيتم على شفا جرف هار ، فما لبثت سيول الحق أن جرفته أمامها واقتلعته من أساسه فخر سقفه وتداعت أركانه. وهكذا الباطل دائما مهما علا وارتفع لا ثبات له ولا قرار فهو أشبه شيء بالدخان يراه الناظر متصعدا في السماء حتى يغيب في ارتفاعه عن العيون مع أنه أوضع شيء وأسفله لو كانوا يعلمون. وإن شئت أن تعرف ذلك فاصبر له قليلا من الزمان ، ثم رد البصر إليه تلقه قد نزل إلى أسفل مكان ، وما أحسن قول الله عزوجل في وصف الحق والباطل : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [الرعد : ١٧].
* * *
فصل
في بيان أن التعطيل أساس الزندقة والكفران
والاثبات أساس العلم والإيمان
من قال أن الله ليس بفاعل |
|
فعلا يقوم به قيام معان |
كلا وليس الأمر أيضا قائما |
|
بالرب بل من جملة الأكوان |
كلا وليس الله فوق عباده |
|
بل عرشه خلو من الرحمن |
فثلاثة والله لا تبقى من الا |
|
يمان حبة خردل بوزان |
وقد استراح معطل هذه الثلا |
|
ث من الاله وجملة القرآن |
ومن الرسول ودينه وشريعة الإ |
|
سلام بل من جملة الأديان |
وتمام ذاك جحوده لصفاته |
|
والذات دون الوصف ذو بطلان |