به يختبركم باتّخاذ الايمان أو بكون بعض اربى من بعض ليظهر ثبات من يثبت على الايمان ونكث من ينكث (وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) عطف على محذوف اى ليظهر سعادة السّعيد وشقاوة الشّقىّ ولبيّن (ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) وأعظم ما فيه تختلفون ولاية علىّ (ع) لانّها النّبأ العظيم الّذى هم فيه مختلفون (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَلَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تهديد لهم على أعمالهم وتحذير عمّا يضمرونه من عداوة علىّ (ع) ولمّا كان قوله (وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) (الى آخر الآية) مشعرا بالجبر وإسقاط العقوبة قال (وَلَتُسْئَلُنَ) (الآية) اشعارا بالاختيار وثبوت العقوبة (وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) تصريح بالنّهى بعد الاشارة اليه تأكيدا واشعارا بعظمة قبح ذلك (فَتَزِلَّ قَدَمٌ) عن الايمان (بَعْدَ ثُبُوتِها) بالبيعة وافراد القدم مع اقتضاء العبارة جمعها للاشعار بانّ البائع له اقدام ثابتة في مراتب الإسلام والايمان ولو زلّت قدم منها فكأنّما زلّت جميع الاقدام (وَتَذُوقُوا السُّوءَ) في الدّنيا (بِما صَدَدْتُمْ) أهل الأرض وأهل مملكتكم فانّ الفاسد يفسد غيره لا محالة والنّاكث يمنع جميع مداركه وقواه (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) التّكوينىّ الّذى هو طريق القلب والتّكليفىّ الّذى هو طريق الولاية والآخرة (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) في الآخرة قد كثرت الاخبار من طريق الخاصّة في تفسير الآيات من قوله تعالى (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ) الى قوله (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) بولاية علىّ (ع) ونزولها حين قال النّبىّ (ص) : سلّموا على علىّ (ع) بامرة المؤمنين وأمرهم بالبيعة معه (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ) بيعة محمّد (ص) أو بيعة علىّ (ع) (ثَمَناً قَلِيلاً) من اعراض الدّنيا وأغراضها بان تنكثوا بيعة علىّ (ع) خوفا من فوت الجاه وطمعا في الرّياسة كما كان حال المترئّسين أو طمعا في جيف الدّنيا كما كان حال المرئوسين (إِنَّما عِنْدَ اللهِ) ممّا ادّخره لعباده الوافين من نعم الجنان (هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) علمتم انّه خير لكم (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ) تعليل (وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا) على عهدهم ولم ينكثوا (أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) يعنى نجزيهم بجميع أعمالهم جزاء أحسن أعمالهم وأحسن الأعمال هو الّذى كان على تذكّر من الله ومن الولاية بمراتب التّذكّر من اللّسانىّ والقلبىّ والصّورىّ الملكوتىّ والحقيقىّ التّحقّقىّ بل الأحسن هو نفس الولاية ، وهذه الآية أرجى آية للبائعين فطوبى لمن صبر على بيعته ، وقد مضى في مطاوى ما أسلفنا تحقيق الجزاء بأحسن الأعمال واسوئها (مَنْ عَمِلَ صالِحاً) اى عملا واحدا صالحا اىّ عمل كان وقد مرّ مرارا انّ العمل الصّالح الحقيقىّ هو الّذى يكون مرتبطا بالولاية ، أو المراد بالتّنكير التّفخيم اى من عمل صالحا عظيما هو أصل جميع الصّالحات وهو عمل نفس الولاية (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) التّقييد به للاشارة الى انّ صورة العمل من غير ارتباطها بالولاية الّتى هي الايمان غير معتبرة في الحكم مثل الأعمال الّتى كانت لمنافقى الامّة ، أو المراد بالايمان هاهنا الإسلام (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً) الحيوة الطّيّبة هي ما تكون خالية عن شوب الآلام في الدّنيا والآخرة وقد فسّرت في الاخبار بالقنوع بما رزقه الله والرّضا به (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) لمّا كان هذه بشارة كاملة للمبتاعين كرّره تأكيدا (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) جواب شرط محذوف اى إذا كان اتّخاذ الايمان دخلا سببا لان تزلّ القدم وان يذاق السّوء والعذاب والصّدق في الايمان والصّبر عليها سببا لان يجزى الله جميع الأعمال بجزاء أحسن الأعمال فاذا قرأت القرآن الّذى هو صورة شروط