(عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) اى السّلطنة في ارض مصر (وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ) تصريح بما أشعروا به في ضمن انكار صرفهم وكبريائهما من عدم انقيادهم لهما (وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) ماهر (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ) وأمرهم فرعون بإتيان السّحر ودبّروا ما دبّروا وتهيّؤا لمعارضة موسى (ع) (قالَ لَهُمْ مُوسى) بعد ما خيّروه واختار موسى تقديمهم (أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) ما مبتدأ وجئتم به صلته والسّحر خبره ، وقرئ السّحر بهمزة الاستفهام وحينئذ يكون ما استفهاميّة وجئتم به خبره والسّحر بدله والمعنى على الاوّل ما جئت به الهى وما جئتم به بشرى مبنىّ على الأعمال الدّقيقة الخفيّة أو شيطانىّ مبنىّ على تمزيج القوى الارضيّة مع الأرواح السّفليّة (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) التّكوينيّة من الآيات والمعجزات ولا سيّما الكلمات التّامّات من الأنبياء والأوصياء (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) اى جمع قليل من شبّان قوم موسى لقلّة مبالاتهم بتهديد فرعون أو من قوم فرعون بمقتضى شبابهم حالكون هؤلاء الشّبّان مع جرأتهم وعدم مبالاتهم مشتملين (عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ) يعذّبهم بالبلايا بدل من فرعون وملائهم أو مفعول الخوف أو بتقدير لام التّعليل وجمع الضّمير في ملائهم امّا لتعظيم فرعون أو لانّ المراد من فرعون هو وخواصّة فانّه كثيرا ما يطلق اسم الرّئيس ويراد به الرّئيس واتباعه ، أو باعتبار رجوعه الى الذرّيّة سواء فسّر بذرّيّة من قوم موسى (ع) أو من قوم فرعون وعلى هذا يجوز ان يكون مفعول يفتنهم هو الملأ وعلى غير هذا الوجه فافراد الضّمير في يفتنهم للاشعار بانّ الخوف من ملأه كان بسببه وانّ الملأ كانوا لا حكم لهم بالاستقلال (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ) لقاهر غالب عطف باعتبار المعنى كأنّه قال انّه ليفتنهم وانّه لعال أو حال ووضع الظّاهر موضع المضمر للاشعار بعلّة العلوّ لانّ اسم فرعون كان من القاب ملك مصر (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) اكتفى بالضّمير لانّ الإسراف لا يتوقّف على السّلطنة والمراد الإسراف في تعذيب قوم موسى (ع) (وَقالَ مُوسى) بعد ما رأى تعذيب فرعون لمن آمن به واضطرابهم من خوفه تسلية لهم وتقوية لقلوبهم بالتّوكّل على القادر القوىّ (يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) أتى بأداة الشّكّ اشعارا بانّ الخوف والاضطراب يورث الشّكّ في الايمان أو اداة الشّكّ للتّهييج (فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا) لانّ الايمان يقتضي معرفته بانّه عليم بصير قادر رحيم بالمؤمنين وذلك يقتضي التّوكّل (إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) منقادين جزاؤه محذوف بقرينة السّابق والتّقدير ان كنتم منقادين فان كنتم مؤمنين بالبيعة العامّة أو الخاصّة فعليه توكّلوا يعنى انّ التّوكّل يقتضي أمرين الانقياد والايمان بالبيعة العامّة النّبويّة أو بالبيعة الخاصّة الولويّة (فَقالُوا) اجابة له (عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا) متضرّعين قائلين (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً) سبب فتنة وشقاء (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) بان يبلغوا باستعبادنا وتعذيبنا غاية الغرور والشّقاء يعنى لو أردت بلوغهم غاية الشّقاء فاجعل سببه غير عذابا ، أو المراد لا تجعلنا محلّا لفتنتهم وعذابهم لنا (وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) وضع الظّاهر موضع المضمر