الأمر متعلّقات صرفة غير مستقلّات لا حكم لها أصلا ، لكنّها في نظر هذا المتوطّن في بيت نفسه وبلد طبعه لا شأن لها الّا المباينة والاستقلال وعدم التّعلّق والدّلالة على شيء ، لكنّه لمّا كان مأمورا بالخروج من هذا البيت وحجّ بيت الله القلب والطّوف به بل الاقامة عنده ثمّ الوصول الى ربّه والحضور لديه ، ولا يمكنه الخروج الّا بإعانة معاون خارجىّ ورفاقة رفيق بشرىّ وكلّما فرض معاونا له ليس في نظره الّا محكوما عليه ومستقلّا ومسمّى غير دالّ على الله وغير اسم له ، جعل الله تعالى له معاونا يعينه على خروجه وامره باتّباعه ونصب له حجّة على جواز النّظر اليه والأخذ منه والتّضرّع لديه وان كان في نظره مسمّى ومحكوما عليه ومستقلّا ، فكونه مطاعا ومتبوعا ومعبودا عبادة الطّاعة مع كونه ثانيا لله ومقابلا ومسمّى ومحكوما عليه في نظره ممّا انزل الله به حجّة وسلطانا وليس النّاظر اليه مذموما وملوما ولا كافرا ومشركا ، إذا علمت ذلك فمعنى الآية لا ينبغي لكم المجادلة مع الرّسول في تصحيح أسماء لا حكم لها وليست مسمّيات ومستقلّات بل متعلّقات صرفة وروابط محضة جعلتموها أنتم وآباؤكم مسمّيات بمقتضى وقوفكم في رساتيق أنفسكم ، والحال انّها (ما نَزَّلَ اللهُ بِها) اى معها أو فيها أو بسببها (مِنْ سُلْطانٍ) اى سلطنة أو حجّة وبرهان من هذه الحيثيّة اى كونها مسمّيات ومنظورا حتّى يرفع اللّوم عنكم ويتبدّل شرككم بالنّظر الى حجّة بالتّوحيد بوجه ما (فَانْتَظِرُوا) امر الله في حقّكم وحقّى (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ) آمنوا (مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) التّقييد به تنبيه على انّه لا يجوز لأحد النّظر الى عمله والاتّكال عليه ، فانّ العمل ليس له الّا اعداد القابل للقبول وامّا فعل الفاعل فغير مسبّب عنه كما مرّ مرارا (وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) تكليفا (وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ) تكوينا أو كلاهما عامّان أو خاصّان بمعنى واحد ، والثّانى تأكيد للاوّل ومعنى قطع الدّابر الاستيصال وعدم بقاء عقب لهم ، وورد انّ هودا (ع) وصالحا (ع) وشعيبا (ع) واسمعيل (ع) ونبيّنا (ص) كانوا يتكلّمون بالعربيّة (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) ثمود اسم قبيلة مسمّاة باسم أبيهم ثمود من أولاد سام بن نوح (ع) وصالح (ع) كان من أولاده ، أو ثمود اسم قرية صغيرة على ساحل البحر لا تكمل أربعين بيتا كما في الخبر (قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) هذه ناقة الله مبتدء وخبر مستأنف لبيان البيّنة ولكم حال عن ناقة الله ، أو عن آية ، أو خبر بعد خبر ، وآية حال مترادفة ، أو متداخلة ، أو منفردة ، أو ناقة الله بدل من هذه ، أو عطف بيان ولكم خبر وآية حال من المستتر فيه (فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَاذْكُرُوا) تذكير للنّعم بعد التّهديد من النّقم (إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ) الّتى هي خزنتها (بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) تعميم بعد تخصيص (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) دينا أو مالا أو حالا أو جسما (لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ) بدل من قوله تعالى للّذين بدل الكلّ ان كان المراد الاستضعاف في الدّين والطّريقة ، أو بدل البعض ان كان المراد مطلق الاستضعاف (أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) استهزؤا بهم (قالُوا) في جوابهم من غير مبالاة باستهزائهم زائدا على الجواب الّذى هو الإقرار برسالته بالانقياد لما أرسل به والطّاعة له (إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا