والجاه والمسكن والزّوج والقوى والجوارح وغيرها أو النّعم الباطنة من الأخلاق والعلم والحكمة وحسن التّدبير والالفة والزّهد والطّاعة وغيرها ، والتّعبير عن النّعم بما فضّل الله للاشارة الى علّة النّهى عن التمنّى والأمر بالسّؤال من فضله ولمّا كان النّهى واردا على التمنّى اى الطّلب من دون حصول الأسباب مقيّدا بكون المطلوب النّعم المتفضّل بها الله على البعض كان المراد النّهى عن كلّ من التمنّى وقيده كأنّه قال : لا تطلبوا شيئا بدون أسباب حصوله لانّه (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) فتوسّلوا بالأسباب ولا تطلبوا نعم بعضكم لانّها من فضل الله عليه فتوجّهوا الى الله (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) فاشار الى علّة النهيين ومفهوم مخالفتهما مع إيجاز ، والسّؤال امّا بلسان القال ولا اعتداد به فانّ الاجابة والإفضال بقدر الاستعداد ، أو بلسان الاستعداد والحال سواء كان مقترنا بلسان القال أو لم يكن فانّه لا يخفى على الله قدر الاستعداد وخفايا الاستحقاق (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) فكيف يخفى عليه قدر استحقاقكم ولمّا أشار في هذه الآية الى توقّف الإفضال على الاستعداد والاستحقاق بالكسب وتوجّه ان يقال انّ الله تعالى قد يتفضّل على عباده بمال مورّثهم ولا استعداد بالكسب لهم هنا أشار تعالى الى الاستعداد والكسب هناك أيضا فانّ الاستعداد والكسب اعمّ من ان يكونا بالاختيار أو بالتّكوين فانّ التّوارث لا يكون الّا بين متناسبين بالنّسبة الجسمانيّة وبهذه النّسبة يكتسب كلّ من المتوارثين كيفيّة من الآخر وسنخيّة له بها يستحقّ إفضال الله بمال أحدهما على الآخر وأيضا كلّ منهما لحمة من الآخر أو كاللّحمة فكسب أحدهما اختيارا كأنّه كسب الآخر أو بين متناسبين بالنّسبة الكسبيّة الاختياريّة كعقد الملك في مولى المعتق وعقد ضمان الجريرة في ضامن الجريرة وعقد الإسلام والايمان في النّبىّ (ص) أو الامام (ع) فقال (وَ) ليس للرّجال والنّساء ان يرثهم كلّ أحد منتسبا أو غير منتسب بل (لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) مخصوصة في الإرث اى أقارب مخصوصة أو ذوي نسب مخصوصة نتفضّل عليهم باستحقاق نسبة القرابة أو نسبة العقد يرثون (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) عقد الملك أو عقد ضمان الجريرة أو عقد الإسلام والايمان يعنى إذا لم يكن قريب نسبىّ فالمولى المعتق بالتّفصيل الّذى ذكر في الفقه ، فان لم يوجد فضامن الجريرة ، فان لم يوجد فالنّبىّ (ص) أو الامام (ع) ، وعلى ما بيّناه فلا حاجة الى القول بالنّسخ في الآية كما قيل انّه كان الرّجل يعاقد الرّجل بنحو عقد ضمان الجريرة فيكون للحليف السّدس من ميراث الحليف فنسخ بقوله تعالى : وأولوا الأرحام بعضهم اولى ببعض (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) المقرّر فانّ لهم استحقاقا وكسبا (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) فيشهد دقائق الاستحقاق بحسب النّسب وأتى هنا بشهيدا وهناك بعليما لدقّة الكيفيّة الحاصلة من النّسب كأنّها لا يمكن تمييزها الّا بالمشاهدة فانّ العلم في الأغلب يستعمل في كلّيّات الأمور وفي العلم الحصولىّ والشّهود في جزئيّات الأمور والعلم الحضورىّ (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) قائمون عليهنّ قيام الولاة على رعيّتهم مراقبون احوالهنّ مقيمون اعوجاجهنّ كأنّ المنظور كان بيان وجه استحقاق التّوارث بينهما فانّه وان كان مستفادا من ذكر عقد الايمان لكن لظهور عقد الايمان في الثّلاثة السّابقة كان يمكن اختفاء هذا ثمّ اتبعه ببيان آداب المعاشرة بين الأزواج (بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) بتفضيله الرّجال في الجثّة والقوّة والإدراك وحسن التّدبير وكمال العقل (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) يعنى لهم فضيلة ذاتيّة وفضيلة عرضيّة بكلّ يستحقّون التّفضيل والتّسلّط فعليهم مراقبتهنّ