فقال : لا ، إذا أقرّا بالتوحيد (١).
وقال العباس الأزرق ، عن السّريّ (٢) بن يحيى قال : مرّ الحجّاج في يوم جمعة ، فسمع استغاثة ، فقال : ما هذا؟ قيل : أهل السّجون يقولون : قتلنا الحرّ ، فقال : قولوا لهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (٣) ، قال : فما عاش بعد ذلك إلّا أقلّ من جمعة (٤).
وقال الأصمعي : بنى الحجاج واسطا في سنتين وفرغ منه سنة ست وثمانين.
وقال مسلم بن إبراهيم : ثنا الصّلت بن دينار قال : مرض الحجّاج ، فأرجف به أهل الكوفة ، فلمّا عوفي صعد المنبر وهو يتثنّى على أعواده ، فقال : يا أهل الشّقاق والنّفاق والمراق ، نفخ الشّيطان في مناخركم ، فقلتم : مات الحجّاج ، فمه ، والله ما أرجو الخير إلّا بعد الموت ، وما رضي الله الخلود لأحد من خلقه إلّا لأهونهم عليه إبليس ، وقد قال العبد الصالح سليمان : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) (٥) فكان ذلك ، ثم اضمحلّ وكأن لم يكن ، يا أيّها الرجل ، وكلّكم ذلك الرجل ، كأنّي بكلّ حيّ ميّت ، وبكلّ رطب يابس ، وبكلّ امرئ في ثياب طهور إلى بيت حفرته ، فخدّ له في الأرض خمسة أذرع طولا في ذراعين عرضا ، فأكلت الأرض من لحمه ، ومصّت من صديده ودمه (٦).
وقال محمد بن المنكدر : كان عمر بن عبد العزيز يبغض الحجّاج ، فنفس عليه بكلمة قالها عند الموت : اللهمّ اغفر لي فإنّهم يزعمون أنّك لا تفعل (٧).
__________________
= وقد ذكرت بعض أخباره وظلمه في كتابنا : دراسات في تاريخ الساحل الشامي ـ «لبنان» من الفتح الإسلامي حتى سقوط الدولة الأموية ، إذ كان موجودا بطرابلس الشام في خلافة سليمان بن عبد الملك وأول أيام عمر بن عبد العزيز ـ انظر : ص ٢١٥ ـ ٢١٧.
(١) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٨٤.
(٢) في الأصل «السّدّي» ، وهو تحريف.
(٣) سورة المؤمنون ، الآية ١٠٨.
(٤) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٨٤ ، ٨٥.
(٥) سورة ص ، الآية ٣٥.
(٦) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٨٥.
(٧) المصدر نفسه.