قال : دخلت على أبي أمامة مع مكحول ، وابن أبي زكريّا ، فنظر إلى أسيافنا ، فرأى فيها شيئا من وضح ، فقال : إنّ المدائن والأمصار فتحت بسيوف ما فيها الذّهب ولا الفضّة ، فقلنا : إنّه أقلّ من ذلك ، فقال : هو ذاك ، أما إنّ أهل الجاهلية كانوا أسمح منكم ، كانوا لا يرجون على الحسنة عشر أمثالها ، وأنتم ترجون ذلك ولا تفعلونه (١) ، فقال مكحول لما خرجنا : لقد دخلنا على شيخ مجتمع العقل (٢).
وقال سليم بن عامر : كنّا نجلس إلى أبي أمامة ، فيحدّثنا حديثا كثيرا عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ثم يقول : اعقلوا وبلّغوا عنّا ما تسمعون (٣).
وقال الوليد بن مسلم : ثنا بن جابر ، عن مولاة لأبي أمامة قالت : كان أبو أمامة يحبّ الصّدقة ، ولا يقف به سائل إلّا أعطاه ، فأصبحنا يوما وليس عنده إلّا ثلاثة دنانير ، فوقف به سائل ، فأعطاه دينارا ، ثم آخر فكذلك ، ثم آخر فكذلك ، قلت : لم يبق لنا شيء ، ثم راح إلى مسجده صائما ، فرققت له ، واقترضت له ثمن عشاء ، وأصلحت فراشه ، فإذا تحت المرفقة ثلاثمائة دينار ، فلما دخل ورأى ما هيّأت له حمد الله وتبسّم وقال : هذا خير من غيره ، ثمّ تعشّى ، فقلت : يغفر الله لك جئت بما جئت به ، ثم تركته بموضع مضيعة ، قال : وما ذاك؟ قلت : الذّهب. ورفعت المرفقة ، ففزع لما رأى تحتها وقال : ما هذا ويحك! قلت : لا علم لي. فكثر فزعه.
وقال معاوية بن صالح ، عن الحسن بن جابر قال : سألت أبا أمامة عن كتابة العلم ، فلم ير به بأسا.
وقال إسماعيل بن عيّاش : ثنا عبد الله بن محمد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن سعيد الأزديّ ، ورواه عتبة بن السّكن الفزاريّ ، عن أبي زكريّا ، عن حمّاد بن زيد ، عن سعيد ، واللّفظ لإسماعيل قال : شهدت أبا أمامة وهو في النّزع ، فقال لي : يا سعيد إذا أنا متّ فافعلوا بي كما أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال
__________________
(١) إلى هنا في تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٤٢٢.
(٢) تهذيب الكمال ١٣ / ١٦٢ ، تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٤٢٢.
(٣) تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ٤٢٣.