وتكون (١) سنّة من بعدي (٢) ما غيّب (٣) حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطّير».
وحدّثني بريدة ، عن محمد بن كعب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لئن ظفرت بقريش لأمثّلنّ بثلاثين منهم. فلما رأى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما به من الجزع قالوا : لئن ظفرنا بهم لنمثّلنّ بهم مثلة لم يمثّلها أحد من العرب بأحد ، فأنزل الله : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) (٤) ، إلى آخر السّورة. فعفا رسول الله صلىاللهعليهوسلم [٤٠ ب]. (٥).
وروى ابن إسحاق عن شيوخه الذين روى عنهم قصّة أحد ، أنّ صفيّة أقبلت لتنظر إلى حمزة ـ وهو أخوها لأبويها ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لابنها الزّبير : القها فأرجعها ، لا ترى ما بأخيها. فلقيها فقال : أيّ أمّه ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمرك أن ترجعي. قالت : ولم؟ فقد بلغني أنّه مثّل بأخي ، وذلك في الله ، فما أرضانا بما كان من ذلك ، فلأحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاء الله. فجاء الزّبير فأخبره قولها ، قال : فخلّ سبيلها. فأتته ، فنظرت إليه واسترجعت واستغفرت له ثم أمر به فدفن (٦).
وقال أبو بكر بن عيّاش (٧) ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عبّاس قال : لما قتل حمزة أقبلت صفيّة ، فلقيت عليّا والزّبير ، فأرياها (٨) أنّهما لا يدريان. فجاءت النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : فإنّي أخاف على عقلها. فوضع
__________________
(١) في السيرة «يكون».
(٢) في الأصل : ما بعدي. وأثبتنا لفظ ع والسيرة.
(٣) في السيرة «لتركته».
(٤) سورة النحل : من الآية ١٢٦.
(٥) سيرة ابن هشام ٣ / ١٧١ وفيه إضافة «وصبر ونهى عن المثلة».
(٦) السيرة ٣ / ١٧٢.
(٧) في الأصل : عباس. والتصحيح من ع ، وتهذيب التهذيب (١٢ / ٣٤).
(٨) في الأصل : فأريا ، وأثبتنا عبارة ع.