جالس على التراب. قال جعفر : فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال. فقال : أبشّركم بما يسّركم ، إنّه جاءني من نحو أرضكم عين لي فأخبرني أنّ الله تعالى قد نصر نبيّه صلىاللهعليهوسلم وأهلك عدوّه ، وأسر فلان وفلان [وقتل فلان وفلان] (١) ، التقوا بواد يقال له بدر ، كثير الأراك (٢) ، كأنّي انظر إليه ، كنت أرعى به لسيّدي ـ رجل من بني ضمرة ـ إبله. فقال له جعفر : ما بالك جالس على التراب ، ليس تحتك بساط ، وعليك هذه الأخلاق (٣)؟ قال : إنّا نجد فيما أنزل الله على عيسى عليهالسلام أنّ حقّا على عباد الله أن يحدثوا لله تواضعا عند ما أحدث لهم من نعمته. فلما أحدث الله لي نصر نبيّه أحدثت له هذا التواضع.
ذكر مثل هذه الحكاية الواقديّ في مغازيه بلا سند (٤).
فصل
في غنائم بدر والأسرى
قال خالد الطّحّان ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس رضياللهعنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم بدر : من فعل كذا وكذا ، فله من النّفل كذا [٢١ أ] وكذا.
قال : فتقدّم الفتيان ولزم المشيخة الرايات. فلما فتح الله عليهم قالت المشيخة : كنّا رداء لكم ، لو انهزمتم ، فئتم إلينا ، فلا تذهبوا بالمغنم ونبقي. فأبى الفتيان وقالوا : جعله رسول الله صلىاللهعليهوسلم لنا.
__________________
(١) ما بين الحاصرتين إضافة من البداية والنهاية ٣ / ٣٠٨.
(٢) الأراك : شجر من الحمض له حمل كحمل عناقيد العنب يستاك به ، قال أبو حنيفة : هو أفضل ما استيك بفروعه وأطيب ما رعته الماشية رائحة لبن (التاج).
(٣) الأخلاق : والخلقان ـ وقد مرت قبل قليل ـ كلاهما جمع خلق ، بالتحريك ، وهو الثوب البالي.
وقد يقال ثوب أخلاق إذا كانت الخلوقة فيه كلّه. وعند ابن كثير «الأخلاط».
(٤) الواقدي : كتاب المغازي (١ / ١٢٠ ـ ٩١٢١ وانظر البداية والنهاية ٣ / ٣٠٧ ، ٣٠٨.