فقال : هل لك يا كسرى في الإسلام قبل أن أكسر العصا؟ قال : لا تكسرها. فكسرها فأهلك الله كسرى عند ذلك.
وقال الزّهري ، عن ابن المسيّب ، عن أبي هريرة : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده. وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده. والّذي نفسي بيده لتنفقنّ كنوزها في سبيل الله». أخرجه مسلم (١).
وروى يونس بن بكير ، عن ابن عون ، عن عمير بن إسحاق قال : كتب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى كسرى وقيصر. فأما قيصر فوضعه ، وأما كسرى فمزّقه ، فبلغ ذلك النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : «أمّا هؤلاء فيمزّقون ، وأما هؤلاء فسيكون لهم بقيّة».
وقال الربيع : أنّا الشافعيّ قال : حفظنا أنّ قيصر أكرم كتاب النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ووضعه في مسك (٢). فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «ثبّت ملكه».
قال الشافعيّ : وقطع الله الأكاسرة عن العراق وفارس ، وقطع قيصر ومن قام بالأمر بعده عن الشام. وقال في كسرى ، «مزّق ملكه» ، فلم يبق للأكاسرة ملك ، وقال في قيصر «ثبّت ملكه» فثبّت له ملك بلاد الروم إلى اليوم.
وقال يونس ، عن ابن إسحاق : ثنا الزّهري ، عن عبد الرحمن بن عبد (القاري) (٣) أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية ، فمضى بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقبّل الكتاب وأكرم حاطبا وأحسن نزله ، وأهدى معه إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بغلة وكسوة وجاريتين ، إحداهما أمّ
__________________
(١) صحيح مسلم (٢٩١٨) كتاب الفتن وأشراط الساعة ، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل إلخ. وأوّله : «قد مات كسرى ..».
(٢) مسك : بفتح الميم. أي جلد.
(٣) سقطت من النسخ الثلاث. وأثبتناه من السند نفسه في موضع سابق.