وقال حمّاد بن زيد ، عن أيّوب ، عن حميد بن هلال ، عن أنس قال : نعى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم جعفرا وزيد بن حارثة وابن رواحة ، نعاهم قبل أن يجيء خبرهم ، وعيناه تذرفان. أخرجه البخاري (١) ، وزاد فيه : فنعاهم ، وقال : أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب. ثم أخذ الراية بعدهم سيف من سيوف الله : خالد بن الوليد. قال : فجعل يحدّث النّاس وعيناه تذرفان.
وقال سليمان بن حرب : ثنا الأسود بن شيبان ، عن خالد بن سمير قال : قدم علينا عبد الله [٨٣ أ] بن رباح الأنصاريّ ، وكانت الأنصار تفقّهه ، فغشيه النّاس ، فغشيته فيمن غشيه من النّاس. فقال : اثنا أبو قتادة فارس رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم جيش الأمراء ، وقال : «عليكم زيد ابن حارثة ، فإن أصيب فجعفر ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة» ، فوثب جعفر فقال : يا رسول الله ، ما كنت أذهب (٢) أن تستعمل زيدا عليّ. قال : فامض. فإنّك لا تدري أيّ ذلك خير. فانطلقوا ، فلبثوا ما شاء الله.
فصعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم المنبر ، وأمر فنودي : الصلاة جامعة. فاجتمع النّاس إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «أخبركم عن جيشكم هذا : إنّهم انطلقوا فلقوا العدوّ ، فقتل زيد شهيدا» ، فاستغفر له. ثم قال : «أخذ اللواء جعفر فشدّ على القوم حتى قتل شهيدا ، شهد له بالشهادة واستغفر له. «ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة ، فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا ، فاستغفر له «ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ، ولم يكن من الأمراء وهو أمّر نفسه» ، ثم قال : «اللهمّ إنّه سيف من سيوفك ، فأنت تنصره». فمن يومئذ سمّي خالد «سيف الله» (٣)
__________________
(١) صحيح البخاري ، كتاب المغازي ، باب غزوة مؤتة. (٥ / ٨٧).
(٢) في الأصل ، ع : أرهب. والتصحيح من تاريخ الطبري (٣ / ٤١).
(٣) الخبر بسنده ونصّه في تاريخ الطبري ٣ / ٤٠ ، ٤١ والبداية والنهاية ٤ / ٢٤٦.