فوجدت أبا سفيان يوقد النّار في عصبة حوله ، قد تفرّق الأحزاب عنه ، حتى إذا جلست فيهم ، حسّ أبو سفيان أنّه دخل فيهم من غيرهم ، فقال : يأخذ كلّ رجل منكم بيد جليسه ، قال : فضربت بيدي على الّذي عن يميني فأخذت بيده ، ثم ضربت بيدي إلى الّذي عن يساري فأخذت بيده. فكنت فيهم هنية. ثم قمت فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قائم يصلّي ، فأومأ إليّ بيده أن : ادن ، فدنوت. ثم أومأ إليّ فدنوت. حتى أسبل عليّ من الثّوب الّذي عليه وهو يصلّي. فلما فرغ قال : ما الخبر؟ قلت : تفرّق النّاس عن أبي سفيان ، فلم يبق إلّا في عصبة يوقد النّار ، قد صبّ الله عليه من البرد مثل الّذي صبّ علينا ، ولكنّا نرجو من الله ما لا يرجو.
وقال عكرمة بن عمّار ، عن محمد بن عبيد الحنفي ، عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة قال : ذكر حذيفة مشاهدهم ، فقال جلساؤه : أما والله لو كنّا شهدنا ذلك لفعلنا وفعلنا. فقال حذيفة : لا تمنّوا ذلك ، فلقد رأيتنا ليلة الأحزاب. وساق الحديث مطوّلا.
وقال إسماعيل بن أبي خالد : ثنا ابن أبي أوفى قال : دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الأحزاب فقال : اللهمّ منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب ، اللهمّ اهزمهم وزلزلهم. متّفق عليه (١).
وقال اللّيث : حدّثني المقبريّ ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضياللهعنه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول : لا إله إلّا الله وحده ، أعزّ جُنْدَه (٢) ، ونصر
__________________
(١) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب غزوة الخندق ٥ / ٤٩ وصحيح مسلم (١٧٤٢) كتاب الجهاد والسير ، باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدوّ.
(٢) من أول قوله : «ونصر عبده» سقط في نسخة الأصل مقداره نحو سبع عشرة ورقة من نسخة ع وقد نقلناه عنها. وينتهي هذا السقط عند أوائل الكلام عن مقتل ابن أبي الحقيق. وسنشير إلى مكانه.