لأبى عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، وهو لعمرى كثير الفوائد ، جمّ المنافع ؛
لما اشتمل عليه من الفصول الشريفة ، والفقر اللطيفة ، والخطب الرائعة ، والأخبار
البارعة ، وما حواه من أسماء الخطباء والبلغاء ، وما نبّه عليه من مقاديرهم فى
البلاغة والخطابة ؛ وغير ذلك من فنونه المختارة ، ونعوته المستحسنة ، إلا أنّ
الإبانة عن حدود البلاغة ، وأقسام البيان والفصاحة مبثوثة فى تضاعيفه ، ومنتشرة فى
أثنائه ؛ فهى ضالّة بين الأمثلة ، لا توجد إلا بالتأمل الطويل ، والتصفّح الكثير ؛
فرأيت أن أعمل
كتابى هذا مشتملا على جميع ما يحتاج إليه فى صنعة الكلام : نثره ونظمه ، ويستعمل
فى محلوله ومعقوده ، من غير تقصير وإخلال ، وإسهاب وإهذار. وأجعله عشرة أبواب
مشتملة على ثلاثة وخمسين فصلا :
الباب الأول :
فى الإبانة عن موضوع البلاغة فى أصل اللغة وما يجرى معه من تصرف لفظها وذكر حدودها
وشرح وجوهها وضرب الأمثلة فى كل نوع منها وتفسير ما جاء عن العلماء فيها ، ثلاثة
فصول.
الباب الثانى :
فى تمييز الكلام جيده من رديه ومحموده من مذمومه فصلان.
الباب الثالث :
فى معرفة صنعة الكلام ، فصلان.
الباب الرابع :
فى البيان عن حسن السبك وجودة الرصف ، فصل واحد.
الباب الخامس :
فى ذكر الإيجاز والإطناب ، فصلان.
الباب السادس :
فى حسن الأخذ وقبحه وجودته ورداءته ، فصلان.
الباب السابع :
القول فى التشبيه ، فصلان.
الباب الثامن :
فى ذكر السجع والازدواج ، فصلان.
الباب التاسع :
فى شرح البديع والإبانة عن وجوهه وحصر أبوابه وفنونه ، خمسة وثلاثون فصلا.
الباب العاشر :
فى ذكر مقاطع الكلام ومباديه والقول فى الإساءة فى ذلك والإحسان فيه ، ثلاثة فصول.
وأرجو أن يعين
الله على المراد من ذلك والمقصود فيما نحونا إليه ويقرنه بالتوفيق ويشفعه بالتسديد
؛ إنه سميع مجيب.
__________________