وقول تأبط شرا فى آخر قصيدته (١) :
لتقرعنّ علىّ السّنّ من ندم |
|
إذا تذكرت يوما بعض أخلاقى |
هذا البيت أجود بيت فيها لصفاء لفظه ، وحسن معناه.
ومثله قول الشنفرى فى آخر قصيدة (٢) :
وإنى لحلو إن أريد حلاوتى |
|
ومرّ إذا نفس العزوف أمرّت |
أبىّ لما آبى قريب مقادتى |
|
إلى كل نفس تنتحى فى مسرتى |
فهذان البيتان أجود ما فخر به من هذه القصيدة.
وقال بشر بن أبى خازم فى آخر قصيدته (٣) :
ولا ينجى من الغمرات إلا |
|
براكاء (٤) القتال أو الفرار |
فقطعها على مثل سائر ؛ والأمثال أحب إلى النفوس لحاجتها إليها عند المحاضرة والمجالسة. وقال الهذلى (٥) :
عصاك الأقارب فى أمرهم |
|
فزايل بأمرك أو خالط |
ولا تسقطنّ سقوط النوا |
|
ة من كف مرتضخ لاقط |
مثال من النثر |
فقطعها على تشبيه مليح ومثل حسن ، وهكذا يفعل الكتاب الحذاق ، والمترسلون المبرزون ؛ ألا ترى ما كتب الصاحب فى آخر رسالة له : فإن حنثت فيما حلفت ، فلا خطوت لتحصيل مجد ، ولا نهضت لاقتناء حمد ؛ ولا سعيت إلى مقام فخر ؛ ولا حرصت على علوّ ذكر ، وهذه اليمين التى لو سمعها عامر بن الظرب لقال هى الغموس ؛ لا القسم باللّات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. فأتى بأيمان ظريفة ومعان غريبة.
وكتب أيضا فى آخر رسالة : وأنا متوقّع لكتابك ؛ توقّع الظمآن للماء الزلال ؛ والصوّام لهلال شوال.
وكتب آخر أخرى (٦) ؛ وسأل أن أخلفه فى تجشيم مولاى إلى هذا المجمع ليقرب علينا تناول
__________________
(١) المفضليات ١ : ٣١.
(٢) مهذب الأغانى ١ : ٩٧.
(٣) اللسان (برك).
(٤) البراكاء : الثبات فى الحرب والجد.
(٥) ديوان الهذليين ٢ : ١٩٦.
(٦) فى ا «وكتب آخر»