والنابغة أحذق الجماعة ؛ لأنه ذكر القذال ، وهؤلاء قالوا : القفا ، ولا يستحسن أن يخاطب الرجل فيقال له : قفاك حاله كذا وكذا.
ومن ذلك قول الحسن بن وهب ، وقد سمع قولى أعرابى اجتمع مع عشيق له فى بعض الليالى : اجتمعت معها فى ظلمة الليل ، وكان البدر يرينيها ، فلما غاب أرتنيه ، فقال :
أرانى البدر سنّتها عشاء |
|
فلما أزمع البدر الأفولا |
أرتنيه بسنّتها (١) فكانت |
|
من البدر المنوّر لى بديلا |
فأطال الكلام ، وجعل المعنى فى بيتين ، وكرّر السّنة والبدر.
وقال البحترى فأربى على الأعرابىّ وزاد عليه (٢) :
أضرّت بضوء البدر والبدر طالع |
|
وقامت مقام البدر لما تغيّبا |
وسمع بعضهم قول محمود الوراق :
إذا كان شكرى نعمة الله نعمة |
|
علىّ له فى مثلها يجب الشّكر |
فكيف بلوغ الشكر إلّا بفضله |
|
وإن طالت الأيام واتّصل العمر |
إذا مسّ بالسّرّاء عمّ سرورها |
|
وإن مسّ بالضّرّاء أعقبها الأجر |
وما منهما إلّا له فيه نعمة |
|
تضيق بها الأوهام والبرّ والبحر |
فقال وأساء :
الحمد لله إنّ الله ذو نعم |
|
لم يحصها عددا بالشّكر من حمدا |
شكرى له عمل فيه علىّ له |
|
شكر يكون لشكر قبله مددا |
فهذا مثال قبح الأخذ ، فاعلمه.
وأخذ ابن طباطبا قول على رضى الله عنه : قيمة كل امرئ ما يحسنه ؛ فقال :
__________________
(١) السنة : الصورة ، أو الوجه ، أو الجبهة.
(٢) ديوانه : ٥٥.