إلا التقليد الأعمى للآباء ، أو قال كل واحد للآخر في عملية اعتراف مباشر بذلك.
(ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ) أحسوا بالعجز عن مواجهة إبراهيم في اتهامه للصنم الكبير بالعدوان ، لأن ذلك يكشف زيف عبادتهم لها ، ولكنهم لا يملكون التراجع بل يريدون الإصرار على الخطأ ، فمضوا يواجهونه بأن ما طلبه منهم من توجيه السؤال إلى الأصنام لا معنى له ، (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) فكيف نوجه السؤال إليهم ، وكيف نوجه الاتهام في ذلك إلى الصنم الكبير الذي لا يحس ولا يعقل ولا ينطق ، إن ذلك كله يعني أنك أنت الذي حطم الأصنام.
(قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ) لأنهم لا يملكون الوعي ولا النطق ولا القوة ، فكيف يمكن أن يكونوا آلهة ، وهم لا يملكون أدنى صفات المخلوق الحي ، (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) إن ذلك يدعو إلى التأفف النفسي الذي يشعر الإنسان معه بالضيق ، نتيجة ما يعيشه الناس من ضلال وتخلف وضياع ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) وتحكمون عقولكم في ما تلتزمونه في شؤون العقيدة من الباطل والضلال ، (قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) فقد ثبت من أجواء كلامه أنه هو الفاعل ، فيستحق الإحراق الذي هو جزاء المعتقدين على الآلهة ، فإن ذلك هو المظهر الطبيعي لنصرة الآلهة ، مما يمنع كل المعتدين من فعل ذلك في المستقبل.
* * *
الرعاية الإلهية لإبراهيم عليهالسلام
(قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) فقد ألقوه في النار إنفاذا لحكم