ولكن هذا غير واضح من خلال التعبير في الآية ، بأن المسألة هي خوفه من الموالي من بعده ، وتأكيّده على صفات الولد الذي يطلبه ليكون مرضيّا عند الله ، مما يوحي بأن هناك مهمة تنتظره في احتواء الساحة التي كان يملأها زكريا ، ولا يريد لها أن تبقى فارغة من بعده.
ولعل هذا وغيره يوحي إلينا بأن من الممكن أن يكون قد خاف أن يفسد هؤلاء ما استطاع الأنبياء والأوصياء من آل يعقوب إصلاحه من خلال عملهم على تنمية الروح الرسالية في الساحة والجماهير ، الأمر الذي يجعل انقطاع نسله موجبا لانقطاع هذه السلسلة المباركة من هذا التاريخ الرسالي المليء بالحركة والجهاد.
(وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً) الأمر الذي يجعل المسألة صعبة أو مستحيلة على مستوى الوضع الطبيعي ، فأراد أن يلتمس لنفسه الأمل من خلال قدرة الله ، (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) بما تعنيه الكلمة من الشخص الذي يلي أمر الإنسان فيعينه في حياته ، ويخلفه بعد موته ، وربما كان في التعبير بكلمة : (مِنْ لَدُنْكَ) ما قد يوحي بأن المسألة لا تتصل بالحالة الطبيعية للسبب ، بل بالحالة الغيبية التي لا سبب فيها إلّا للقدرة الإلهية المباشرة ، (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) ليكون امتدادا للخط الرسالي الذي يدعو إلى الله ، ويعمل له ، ويجاهد في سبيله ، ولتستمر به الرسالة في روحه ، وفكره ، وعمله ...
* * *
ما المراد بالإرث؟
وقد أثيرت في هذه الفقرة مسألة إرث المال وهل هو المراد بكلمة الإرث ، أو أن المقصود به إرث العلم والرسالة ، لأن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا ، بل ورثوا شيئا من علومهم؟ وربما اتصل هذا الحديث بمسألة إرث