(قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ) إننا نوجه الاتهام إليك لأنك الوحيد من بيننا ، الذي لا يعبد الأصنام مما يجعلك في الموقع الطبيعي للاتهام ، لأن الذي يعبد الأصنام لا يمكن أن يسيء إليها ، لأنه يخاف من نتائج ذلك على نفسه وأهله ، (قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ (١) هذا) فهو الوحيد الذي بقي سالما من هؤلاء ، مما يوحي بأنه هو الذي قام بالعدوان عليهم ، إذ يختلف معهم ، من خلال ما يفرضه عامل الكبر من عظمة القوة المؤهّلة لإسقاط قوة الباقين.
(فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) فهم الذين يجب أن يوجه إليهم السؤال ، لأنهم هم الذين كانوا محلّا للاعتداء ، وهم الأعرف بالمعتدي. فوجّهوا إليهم السؤال إن كانوا يملكون منطقا للجواب ، إنه يريد أن يصدم عقيدتهم بالحقيقة الدامغة ، ولكنهم لا يريدون أن يفكروا في نتائجها السلبية على العقيدة ، ليقودهم إلى التفكير من جديد ، وإلى القبول بإدارة الحوار حولها. وعلى ضوء هذا ، فإن إبراهيم لم يكذب في كلامه باتهام الصنم الكبير ، لأنه لم يقصد الحكاية عن الواقع ، بل قصد التمهيد لإظهار الحقيقة للوصول إلى النتائج الإيجابية في خط الدعوة.
* * *
عجز القوم عن مواجهة حجج إبراهيم عليهالسلام
(فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ) وفكروا في المسألة بطريقة عصبية ، في هذه التماثيل التي يعبدونها وفي هذا العجز الذي بدا من قدرتها ، فلا تملك أن تدافع عن نفسها ، ولا تستطيع النطق ، (فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ) قالها كل واحد لنفسه ، لأنه ظلم نفسه بهذه العقيدة المتخلفة التي لا معنى لها ، ولا مبرر