من مخلوقات الأرض التي تموت ، ثم يبعثها الله وينشرها ، فكيف يكونون آلهة يمنحون الحياة للآخرين ، وهم لا يملكون أن يمنحوها لأنفسهم ، بمنع الموت عنها أو بعثها من جديد؟ ثم هل تملك الفكرة التي ينطلقون منها وهي : تعدد الآلهة ، أساسا من عقل وفكر ، بقطع النظر عن طبيعة الأشخاص الذين يعتبرهم الناس بهذه الصفة؟ إن الفكرة لا تملك احتراما عقليا يمكن الركون إليه في تصور الأشياء.
* * *
تعدد الآلهة يستلزم الفساد
(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) إن الكون يتحرك بطريقة متوازنة دقيقة في كل مجالاته وظواهره ، الثابتة والمتحركة ، حتى في الأمور التي يعتبرها الناس مظهر خلل في حركة الواقع ، أو حالة تمرّد في الطبيعة ، فإنها تخضع لضوابط وقواعد ، تمنعها من الذهاب بعيدا في نتائجها السلبيّة ، وتقرّبها من الاتصال بالنتائج الإيجابية في حركة الوجود الكوني من جهة أخرى ، وذلك في مثل الفيضانات والبراكين والزلازل والعواصف ونحوها.
وهكذا نجد ذلك متمثلا في حركة المجتمعات البشرية والحيوانية في جميع الأسس التي ترتكز عليها في ولادتها وفنائها ، وفي ارتفاعها وسقوطها ، فلا مجال للفساد في ما يحيط بها من ظروف وقواعد وأحكام.
إنه الدليل على القوة الواحدة الحكيمة القاهرة التي تخلق الشيء بحساب ، وتحركه بنظام ، وتفنيه بقاعدة ، في إدارة حكيمة تشمل الكون كله ، وهو الدليل على وحدانية الله. ولو كان الأمر كما يقول المشركون الذين يقولون بالتعدّد في خلق الكون ، أو في تدبيره ، لما كان هذا الأمر ممكنا لأن طبيعة التعدّد في الذات الإلهية الخالقة المدبّرة تفرض اختلافا في الإدارة